الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ }

{ يا أيها الذين آمنوا } شروع فى بيان غزوة تبوك وهى ارض بين الشام والمدينة ويقال لها غزوة العسرة ويقال لها الفاضحة لانها اظهرت حال كثير من المنافقين -وروى- انه عليه السلام لما فتح مكة وغزا هوازن وثقيفا بحنين واوطاس وحاصرالطائف وفتحها واتى الجعرانة واحرم بها للعمرة واعتمر ثم اتى المدينة فامر بالخروج الى غزوة الروم قبل الشأم وذلك فى شهر رجب سنة تسع بلغه عليه السلام ان الروم قد جمعت له جموعا كثيرة بالشأم وانهم قدموا مقدماتهم الى البلقاء المحل المعروف وقيل للروم بنوا الاصفر لانهم ولد روم بن العيص بن اسحق نبى الله عليه الصلاة والسلام وكان يسمى الاصفر لصفرة به. فقد ذكر العلماء باخبار القدماء ان العيص تزوج بنت عمه اسماعيل فولدت له الروم وكان به صفرة فقيل له الاصفر وقيل الصفرة كانت بابيه العيص وكان ذلك فى زمان عسرة من الناس وجدب فى البلاد وشدة من الحر حن طابت ثمار المدينة واينعت واستكملت ظلالها وطالت المسافة بينهم وبين العدو فشق عليهم الخروج فانزل الله تعالى هذه الاية وقال ايها لمؤمنون { مالكم } استفهام فى اللفظ وانكار وتوبيخ فى المعنى { اذا قيل لكم } من طرف رسول الله الآمر بامر الله { انفروا فى سبيل الله } بيرون رويد رراه خداى تعالى وجهاد كنيد ومعناه بالعربية اخرجوا الى الغزو يقال نفر القوم ينفرون نفرا ونفيرا اذا خرجوا الى مكان لمصلحة توجب الخروج والقوم الذين يخرجون يقال لهم النفير واستنفر الامام الناس لجهاد العدو اى طلب منهم الخروج الى الغزو وحثهم عليه { اثاقلتم } اصله تثاقلتم وهو ماض لفظا مضارع معنى لانه حال من مالكم { الى الارض } متعلق باثاقلتم على تضمينه معنى الميل والاخلاد. والمعنى اى سبب وغرض حصل لكم واستقر اذا قيل لكم ذلك كنتم متثاقلين اى مائلين الى الدنيا وشهواتها الفانية عما قريب وكرهتم مشاق السفر والجهاد المستتبعة للراحة الخالدة فالارض هى الدنيا وشهواتها وقيل ملتم الى الاقامة بارضكم ودياركم { أرضيتم } باستفهام التوبيخ آياراضى شديد وخوشدل كشتيد { بالحيوة الدنيا } ولذاتها من الثمار والظلال { من الاخرة } اى بدل الآخرة ونعيمها فكلمة من بمعنى البدل كما فى قوله تعالىلجعلنا منكم ملائكة } الزخرف 60 اى بدلكم { فما متاع الحيوة الدنيا } اى فما التمتع بها وبلذائذها { فى الآخرة } اى فى جنب الآخرة { الا قليل } اى مستحقر لا يعتد به لان متاع الدنيا فان معيوب ومتاع الآخرة باق مرغوب -روى- انه عليه السلام قال " والله ما الدنيا فى الآخرة الا مثل ما يجعل احدكم اصبعه هذه فى اليم فلينظر بم يرجع "