الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ }

{ ان عدة الشهور } العدة مصدر بمعنى العدد أى ان عدد الشهور التى تتعلق بها الاحكام الشرعية من الحج والعمرة والصوم والزكاة والاعياد وغيرها وهى الشهور العربية القمرية التى تعتبر من الهلال الى الهلال وهى تكون مرة ثلاثين يوما ومرة تسعة وعشرين ومدة السنة القمرية ثلاثمائة واربعة وخمسون يوما وثلث يوم دون الشهور الرومية والفارسية التى تكون تارة ثلاثين يوما وتارة احدا وثلاثين ومدة السنة الشمسية ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم وللشمس اثنا عشر برجا تسير فى كلها فى سنة والقمر فى كل شهر وهى حمل ثور جوزاء سرطان اسد سنبلة ميزان عقرب قوس جدى دلوحت واصطلحوا على ان جعلوا ابتداء السنة الشمسية من حين حلول مركز الشمس نقطة رأس الحمل الى عودها الى تلك النقطة لان الشمس اذا حلت هناك ظهر فى النبات قوة ونشو ونماء وتغير الزمان فى رثاثة الشتاء الى نضارة الربيع واعتدل الزمان فى كيفيتى الحر والبرد. ولما كانت السنة عند العرب عبارة عن اثنى عشر شهرا من الشهور القمرية وكانت السنة القمرية اقل من السنة الشمسية بمقدار وبسبب ذلك النقصان تنتقل الشهور القمرية من فصل الى فصل كان الحج والصوم والفطر يقع تارة فى الصيف واخرى فى الشتاء. ولما كانت عند سائر الطوائف عبارة عن مدة تدور فيها الشمس دورة تامة كانت اعيادهم وصومهم تقع فى موسم واحد ابدا { عند الله } اى فى حكمه وهو ظرف لقوله عدة { اثنا عشر } خبر لان { شهرا } تمييز مؤكد كما فى قولك عندى من الدنانير عشرون دينارا { فى كتاب الله } صفة لاثنا عشر والتقدير اثنا عشر شهرا مثبتة فى كتابه وهو اللوح المحفوظ وانما قال فى كتاب الله لان كثيرا من الاشياء توصف بانها عند الله ولا يقال انها فى كتاب الله { يوم خلق السموات والارض } ظرف منصوب بما يتعلق به قوله فى كتاب الله اي مثبته فى كتاب الله يوم خلق السماوات والارض اى منذ خلق الاجرام اللطيفة والكثيفة وانما قال ذلك لان الله تعالى اجرى الشمس والقمر فى السموات يوم خلق السموات والارض فمبلغ عدد الشهور اثنا عشر من غير زيادة اولها المحرم وآخرها ذو الحجة وانا خصت باثنى عشر لانهم كانوا ربما جعلوها ثلاثة عشر وذلك انهم كانوا يؤخرون الحج فى كل عامين من شهر الى آخر ويجعلون الشهر الذى انسأوا فيه اى اخروا ملغى فتكون تلك السنة ثلاثة عشر شهرا ويكون العام الثانى على ما كان عليه الاول سوى ان الشهر الملغى فى الاول لا يكون فى العام الثانى وعلى هذا تمام الدورة فيستدير حجهم فى كل خمس وعشرين سنة الى الشهر الذى بدئ منه ولذا خرج الحساب من ايديهم وربما يحجون فى بعض السنة فى شهر ويحجون من قابل فى غيره الى ان كان العام الذى حج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فصادف حجهم ذا الحجة فوقف بعرفة يوم التاسع واعلمهم بطلان النسيئ كما سيجيئ وهذه الشهور قد نظمها بعضهم بقوله

السابقالتالي
2 3 4 5 6