الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ }

{ هو الذى } اى الذى لا يريد شيئاً الا اتمام نوره ودينه هو الذى { ارسل رسوله } ملتبسا { بالهدى } اى القرآن الذى هو هدى للمتقين { ودين الحق } اى الدين الحق وهو دين الاسلام { ليظهره } اى ليغلب الرسول { على الدين كله } اى على اهل الاديان كلهم فالمضاف محذوف او ليظهر الدين الحق على سائر الاديان بنسخة اياها حسبما تقتضيه الحكمة واللام فى ليظهره لاثبات السبب الموجب للارسال فهذه اللام لام الحكمة والسبب شرعا ولام العلة عقلا لان افعال الله تعالى ليست بمعللة بالاغراض عند الاشاعرة لكنها مستتبعة لغايات جليلة. فنزل ترتب الغاية على ما هى ثمرة له منزلة ترتب الغرض على ما هو غرض له { ولو كره المشركون } ذلك الاظهار ووصفهم بالشرك بعد وصفهم بالكفر للدلالة على انهم ضموا الكفر بالرسول الى الكفر بالله. قال ابن الشيخ وغلبة دين الحق على سائر الاديان تكون على التزايد ابدا وتتم عند نزول عيسى عليه السلام لما روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى نزول عيسى ويهلك فى زمانه الملل كلها الا الاسلام وقيل ذلك عند خروج المهدى فانه حينئذ لا يبقى احد الا دخل فى الاسلام والتزم اداء الخراج وفى الحديث " لا يزداد الامر الا شدة ولا الدنيا الا ادبارا ولا الناس الا شحا ولا تقوم الساعة الا على شرار الناس ولا مهدى الا عيسى بن مريم " ومعناه لا يكون احد صاحب المهدى الا عيسى بن مريم فانه ينزل لنصرته وصحبته والمهدى الذى من عترة النبى عليه السلام امام عادل ليس بنبى ولا رسول والفرق بينهما ان عيسى هو المهدى المرسل الموحى اليه وايضا ان عيسى خاتم الولاية المطلقة والمهدى خاتم الخلافة المطلقة وكل منهما يخدم هذا الدين الذى هو خير الاديان واحبها الى الله تعالى. وعن بعض الروم قال كان سبب اسلامى انه غزانا المسلمون فكنت اساير جيشهم فوجدت غزاة فى الساقة فاسرت نحو عشر نفر وحملتهم على البغال بعد ان قيدتهم وجعلت مع كل واحد منهم رجلا موكلا به فرأيت فى بعض الايام رجلا من الاسرى يصلى فقلت للموكل به فى ذلك فقال لى انه فى كل وقت صلاة يدفع الى دينارا فقلت وهل معه شيء قال لا ولكنه اذا فرغ من صلاته ضرب بيده الى الارض ودفع لى ذلك فلما كان الغد لبست ثوبا خلقا وركبت فرسادونا وسرت مع الموكل لا تعرف صحة ذلك فلما دنا وقت صلاة الظهر اومى الى ان يدفع لى دينارا حتى اتركه يصلى فاشرت اليه انى لا آخذ الا دينارين فاومى برأسه نعم فلما فرغ من صلاته رايته قد ضرب بيده الى الارض فدفع الى منها دينارين فلما كان وقت العصر اشار كالمرة الاولى فاشرت اليه انى لا آخذ الا خمسة دنانير فاشار الى بالاجابة فلما فرغ من صلاته فعل كفعله الاول فدفع الى خمسة دنانير فلما كان وقت المغرب اشار كذلك فقلت لا آخذ الا عشرة فاجابني فلما صلى فعل كما تقدم فدفع الى عشرة فلما نزلنا واصبحنا دعوت به وسألته عن خبره وخيرته فى رجوعه الى بلاد الاسلام فاختار الرجوع فاركبته بغلا ودفعت له زادا وحملته بنفسى على البغل فقال اماتك الله تعالى على احب الاديان اليه فوقع فى قلبى من ذلك الوقت الاسلام.

السابقالتالي
2