الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ ٱلْحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }

{ قاتلوا } بكشيدى اى مؤمنان وكارزار كنيد { الذين } با آنانكه { لا يؤمنون بالله } كما ينبغى قال اليهود مثنية والنصارى مثلثة فايمانهم بالله كلا ايمان { ولا باليوم الآخر } كما ينبغى فان اليهود ذهبوا الى نفى الاكل والشرب فى الجنة والنصارى الى اثبات المعاد الروحانى فعلمهم باحوال الاخرة كلا علم فكذا ايمانهم المبنى عليه ليس بايمان والمؤمن الكامل هو الذى يصف الله تعالى بما يليق به فيوحده وينزهه ويثبت المعاد الجسمانى والروحانى كليهما والنعيم الصورى والمعنوى ايضا فان لكل من الجسم والروح حظا من النعيم يليق بحاله ويناسب لمقامه { ولا يحرِّمون ما حرم الله ورسوله } اى ما ثبت تحريمه بالوحى المتلو وهو الكتاب او غير المتلو وهو السنة وذلك مثل الدم والميتة ولحم الخنزير والخمر ونظائرها { ولا يدينون دين الحق } يجوز ان يكون مصدر يدينون وان يكون مفعولا به ويدينون بمعنى يعتقدون ويقبلون. والحق صفة مشبهة بمعنى الثابت بمعنى الثابت واضافة الدين اليه من قبيل اضافة الموصوف الى صفته واصل الكلام ولا يدينون الدين الحق وهو دين الاسلام فانه دين ثابت نسخ جميع ما سواه من الاديان. وعن قتادة ان الحق هو الله تعالى. والمعنى ولا يدينون دين الله الذى هو الاسلام فان الدين عند الله الاسلام { من الذين أوتوا الكتاب } من التوراة والانجيل وهو بيان للذين لا يؤمنون { حتى } للغاية { يعطوا } اى يقبلوا ان يعطوا فان غاية القتال ليست نفس هذا الاعطاء بل قبوله { الجزية } فعله من جزى دينه اذا قضاه سمى ما يعطيه المعاهد مما تقرر عليه بمقتضى عهده جزية لوجوب قضائه عليه او لانها تجزى عن الذمى اى تقضى وتكفى عن القتل فانه اذا قبلها يسقط عنه القتل { عن يد } حال من الضمير فى يعطوا اى عن يدهم بمعنى مسلمين بايديهم غير باعثين بايذى غيرهم ولذلك منع من التوكيل فيه او عن يد مطيعة غير ممتنعة اى منقادين مطيعين فاذا احتيج فى اخذها منهم الى الجبر والاكراه لا يبقى عقد الذمة بل يعود حكم القتل والقتال فالاعطاء عن يد كناية عن الانقياد والطوع يقال اعطى فلان بيده اذا استسلم وانقاد وعلاقة المجاز ان من ابى وامتنع لا يعطى بيده بخلاف المطيع او عن غنى. ولذلك قيل لم تجب الجزية على الفقير العاجز عن الكسب او عن انعام عليه فان ابقاء مهجتهم بما بذلوا من الجزية نعمة عظيمة عليهم او عن يد قاهرة مستولية عليهم وهى يد الآخذ فعن سببية كما فى قولك يسمنون عن الاكل والشرب اى يبلغون الى غاية السمن وحسن الهيئة بسبب الاكل والشرب { وهم صاغرون } اى اذلاء وذلك بان يأتى بها بنفسه ماشيا غير راكب ويسلمها وهو قائم والمتسلم جالس ويؤخذ بتلبيبه اى يجيبه ويجر ويقال له اد الجزية يا ذمى او يا عدو الله وان كانوا يؤدونها.

السابقالتالي
2 3