الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَٰجِدَ ٱللهِ شَٰهِدِينَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَٰلُهُمْ وَفِي ٱلنَّارِ هُمْ خَٰلِدُونَ }

{ ما كان للمشركين } نزلت الآية فى جماعة من رؤساء قريش اسروا يوم بدر فيهم العباس عم النبى عليه السلام فاقبل عليهم نفر من اصحاب رسول الله فعيروهم بالشرك وجعل على رضى الله عنه يوبخ العباس بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقطع رحمه وعون المشركين عليه واغلظ القول له فقال العباس ما لكم تذكرون مساوينا وتكتمون محاسننا فقال له على وهل لكم من محاسن قال نعم نعمر المسجد الحرام ونحجب الكعبة ونسقى الحاج فقال الله تعالى ردا { ما كان للمشركين } اى ما صح وما استقام على معنى نفى الوجود والتحقق لا نفى الجواز كما فى قوله تعالىاولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين } البقرة 114 اى ما وقع وما تحقق لهم { ان يعمروا } عمارة معتدا بها { مساجد الله } اى المسجد الحرام وانما جمع لانه قبلة المساجد وامامها فعامره كعامرها او لان كل ناحية من نواحيه المختلفة الجهات مسجد على حاله بخلاف سائر المساجد اذ ليس فى نواحيها اختلاف الجهة قيل لعكرمة لم تقرأ مساجد وانما هو مسجد واحد قالان الصفا والمروة من شعائر الله } البقرة158 اى شيئاً من المساجد فضلا عن المسجد الحرام فضلا عن المسجد الحرام الذى هو افضل افراد الجنس على ان تعريف الجمع بالاضافة للجنس فالآية علىهذا الوجه كناية عن عمارة المسجد على وجه آكد من التصريح بذلك. ذكر فى القنية ان اعظم المساجد حرمة المسجد الحرام ثم مسجد المدينة ثم مسجد بيت المقدس ثم الجوامع ثم مساجد الشوارع فانها اخف مرتبة حتى لا يعتكف فيها اذا لم يكن لها امام معلوم ومؤذن ثم مساجد البيوت فانه لا يجوز الاعتكاف فيها الا للنساء انتهى وهذه المساجد هى المساجد المجازية. واما المساجد الحقيقية فهى القلوب الطاهرة عن لوث الشرك مطلقا كما قال من قال
مسجدى كو اندرون اولياست سجده كاه جمله است آنجا خداست آن مجازست اين حقيقت اى خران نيست مسجد جز درون سروران   
ولهذا يعبر عن هدم المسجد بهدم قلب المؤمن { شاهدين على أنفسهم بالكفر } اى باظهار آثار الشرك من نصب الاوثان حول البيت للعبادة فان ذلك شهادة صريحة على انفسهم بالكفر وان ابوا ان يقولوا نحن كفار كما نقل عن الحسن. وقال السدى شهادتهم على انفسهم بالكفر ان اليهودى لو قيل له ما انت قال يهودى ويقول النصرانى هو نصرانى ويقول المجوسى هو مجوسى او قولهم نعبد الاصنام ليقربونا الى الله زلفى وهو حال من الضمير فى يعمروا اى محال ان يكون ما سموه عمارة عمارة بيت الله مع ملابستهم لما ينافيها ويحبطها من عبادة غيره تعالى فانها ليست من العمارة فى شيء { اولئك } الذين يدعون عمارة المسجد وما يضاهيها من اعمال البر مع ما بهم من الكفر { حبطت } تباه وباطل شده است بواسطه كفر { أعمالهم } التى يفتخرون بها وان كانت من جنس طاعة المسلمين { وفى النار هم خالدون } لكفرهم ومعاصيهم.

السابقالتالي
2