الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }

{ لقد جاءكم } يحتمل ان يكون الخطاب للعرب والعجم جميعا. فالمعنى بالله قد جاءكم ايها الناس { رسول } اى رسول عظيم الشان والرسول انسان بعثه الله تعالى الى الخلق لتبليغ الاحكام { من أنفسكم } اى من جنسكم آدمى مثلكم لا من الملائكة ولا من غيرهم وذلك لئلا يتنفروا ويمتنعوا من متابعته ويقولوا لا طاقة لنا بمتابعته لانه ليس من جنسنا يؤيده قوله تعالىقل انما انا بشر مثلكم } الكهف 110. وقوله تعالىلقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم } آل عمران 164. اذ لفظ المؤمنين عام لكل مؤمن من كل صنف فيكون معنى من انفسهم اى من جنسهم لان الملك وكذا الجن لعدم جنسيته ولكونه غير مدرك بالحواس الخمس لا ينتفع به فاحتاج الى واسطة جنسية ذى جهتين جهة التجرد لتمكن الاستفاضة من جانب القدس وجهة التعلق لتمكن الافاضة الى جانب الخلق وهو الرسول صلى الله عليه وسلم ومنه يظهر انه لكمال لطافته يمكن ان يستفيض منه الجن ايضا لكونهم اجساما لطيفة ولذا دعاهم دعوة البشر
مشعله افروزشب خاكيان سمع سرا برده افلا كيان   
ويحتمل ان يكون الخطاب للعرب خاصة. فالمعنى بالله قد جاءكم ايتها العرب رسول عربى مثلكم وعلى لغتكم وذلك اقرب الى الالفة وابعد من اللجاجة واسرع الى فهم الحجة فان الارشاد لا يحصل الا بمعرفة اللسان -حكى- ان اربعة نفر عجمى وعربى وتركى ورومى وجدوا فى طريق درهما فاختلفوا فيه ولم يعرف ولم يفهم واحد منهم مراد الآخر فسأل منهم رجل آخر يعرف الالسنة فقال للعربى ايش تريد وللعجمى جه ميخواهى مثلا وعلم ان مراد الكل ان يأخذوا بذلك الدرهم عنبا فاخذ العارف الدرهم منهم واشترى لهم عنبا فارتفع الخلاف من بينهم. وقرئ من انفسكم بفتح الفاء اى من اشرفكم وافضلكم من النفاسة وبالفارسية عزيز شدن وشيء نفيس اى خطير وذلك لان محمدا صلى الله عليه وسلم ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب وفى كلاب يجتمع نسب ابيه وامه لان امه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب وبنوا هاشم افضل القبائل الى اسماعيل عليه السلام من جهة الخصال الحميدة وكلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر واجمع النسابون على ان قريشا انما تفرقت عن فهر فهو جماع قريش وانما سمى فهر قريشا لانه كان يقرش اى يفتش عن حاجة المحتاج فيسدها بماله وكان بنوه يقرشون اهل الموسم عن حوائجهم فيرفدونهم فسموا بذلك قريشا والرفادة طعام الحاج ايام الموسم حتى يتفرقوا فان قريشا كانت على زمن قصى تخرج من اموالها فى كل موسم شيئاً فتدفعه الى قصى فيصنع به طعاما للحاج ياكل منه من لم يكن له سعة ولا زاد حتى قام بها ولده عبد مناف ثم بعد عبد مناف ولده هاشم ثم بعد هاشم ولده عبد المطلب ثم ولده ابو طالب وقيل ولده العباس ثم استمر ذلك الى زمنه صلى الله عليه وسلم وزمن الخلفاء بعده ثم استمر ذلك فى الخلفاء الى ان انقرضت الخلافة من بغداد ثم من مصر وعن انس بن مالك رضى الله عنه

السابقالتالي
2 3 4