الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا كَانَ لأَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنْفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَطَأُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ ٱلْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

{ ما كان لأهل المدينة } اى ما صح وما استقام لهم والمدينة علم بالغلبة لدار الهجرة كالنجم للثريا اذا اطلقت فهى المرادة وان اريد غيرها قيد والنسبة اليها مدنى ولغيرها من المدن مدينى للفرق بينهما كما فى انسان العيون. قال الامام النووى لا يعرف فى البلاد اكثر اسماء منها ومن مكة. وفى كلام بعضهم لها نحو مائة اسم منهادار الاخبار ودار الابرار ودار السنة ودار السلامة ودار الفتح والبارة وطابة وطيبة لطيب العيش بها ولان لعطر الطيب بها رائحة لا توجد فى غيرها وترابها شفاء من الجدام ومن البرص بل ومن كل داء وعجوتها شفاء من السم وقد خص الله تعالى مكة والمدينة بانهما لا يخلوان من اهل العلم والفضل والدين الى ان يرث الله الارض ومن عليها وهو خير الوارثين وهى اى المدنية تخرب قبل يوم القيامة باربعين عاما ويموت اهلها من الجوع { ومن حولهم الاعراب } باديه نشينان } كمزينة وجهينه واشجع وغفار واضرابهم. قال الكاشقى وتخصيص اهالى مدينة وحوالى بجهت قرب بوده ومعرفت ايشان بخروج آن حضرت عليه السلام بطرف تبوك { أن يتخلفوا عن رسول الله } عند توجهه الىالغزو واذا استنفرهم واستنهضهم كما فى حواشى ابن الشيخ وهذا نهى ورد بلفظ النفى للتأكيد { ولا } ان { يرغبوا بانفسهم عن نفسه } الباء للتعدية فقولك رغبت عنه معناه اعرضت عنه فعدى بالباء فاذا قلت رغبتى بنفسى عنه كأنك قلت جعلت نفسى راغبة عنه. فالمعنى اللغوى فى الآية ولا يجعلوا انفسهم راغبة ومعرضة عن نفسه عليه السلام وحاصل المعنى لا يصرفوا انفسهم عن نفسه الكريمة اى عما القى فيه نفسه من شدائد الغزو واهوالها ولا يصونها عما لا يصون عنه نفسه بل يكابدوا معه ما يكابده فانه لا ينبغى ان يختاروا لانفسهم الخفض والدعة ورغد العيش ورسول الله فى الحر والمشقة. قال الحدادى لا ينبغى ان يكونوا بانفسهم آثر واشفق عن نفس محمد صلى الله عليه وسلم بل عليهم ان يجعلوا انفسهم وقاية للنبى عليه السلام لما وجب من الحقوق عليهم بدعائه لهم الى الايمان حتى اهتدوا به ونجوا من النار { ذلك } اى وجوب المتابعة فان النهى عن التخلف امر بضده الذى هو الامر بالمتابعة والمشايعة { بأنهم } اى بسبب انهم اذا كانوا معه عليه السلام { لا يصيبهم ظمأ } اى عطش يسير { ولا نصب } ولا تعب فى ابدانهم { ولا مخمصة } اى مجاعة ما { فى سبيل الله } واعلاء كلمته { ولا يطؤن } ولا يدوسون بارجلهم وحوافر خيولهم واخفاف رواحلهم { موطئا } دوسا فهو مصدر كالموعد او مكانا على ان يكون مفعولا { يغيظ الكفار } بخشم آرد كافرانرا اى لا يبلغون موضعا من اراضى الكفار من سهل او جبل يغيظ قلوبهم مجاوزة ذلك الموضع فان الانسان يغيظه ان يطأ ارضه غيره والغيظ انقباض الطبع برؤية ما يسوءه والغضب قوة طلب الانتقام { ولا ينالون } ونيابند فان النيل بالفارسية يافتن { من عدو } من قبلهم { نيلا } بمعنى الميل على ان يكون مفعولا به اى اى آفة محنة كالقتل والاسر والهزيمة والخوف { إلا كتب لهم به } اى بكل واحد من الامور المعدودة.

السابقالتالي
2 3 4