{ لقد تاب الله على النبى } قال ابن عباس رضى الله عنهما هو العفو عن اذنه للمنافقين فى التخلف عنه وهذا الاذن وان صدر عنه عليه السلام وحده الا انه اسند الى الكل لان فعل البعض يسند الى الكل لوقوعه فيما بينهم كما يقال بنوا قتلوا زيدا وهذا الذنب من قبيل الزلة لان الانبياء معصومون من الكبائر والصغائر عندنا لان ركوب الذنوب مما يسقط حشمة من يرتكبها وتعظيمه من قلوب المؤمنين والانبياء يجب ان يكونوا مهابين موقرين ولذا عصموا من الامراض المنفرة كالجذام وغيره فليس معنى الزلة انهم زلوا عن الحق الى الباطل ولكن معناها انهم زلوا عن الافضل الى الفاضل وانهم يعاتبون به لجلال قدرهم ومكانتهم من الله تعالى كما قال ابو سعيد الخراز قدس سره حسنات الابرار سيآت المقربين. وقال السلمى ذكر توبة النبى عليه السلام لتكون مقدمة لتوبة الامة وتوبة التابع انما تقبل التصحيح بالمقدمة. وقال فى التأويلات النجمية التوبة فضل من اله ورحمة مخصوصة به لينعم بذلك على عباده فكل نعمة وفضل يوصله الله الى عبداه يكون عبوره على ولاية النبوة فمنها يفيض على المهاجرين والانصار وجميع الامة فلهذا قال { لقد تاب الله على النبى } { والمهاجرين والانصار } يدل عليه قوله عليه السلام " ما صب الله فى صدرى شيئاً الا وصببته فى صدر ابى بكر رضى الله عنه ". والانصار جمع نصير كشريف واشراف او جمع ناصر كصاحب واصحاب وهم عبارة عن الصحابة الذين آووا رسول الله صلى الله عليه وسلم من اهل المدينة وهو اسم اسلامى سمى الله تعالى به الاوس والخزرج ولم يكونوا يدعون بالانصار قبل نصرهم لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا قبل نزول القرآن بذلك وحبهم واجب وهو علامة الايمان وفى الحديث " آية المؤمن حب الانصار. وحب الانصار آية الايمان. وآية النفاق بغض الانصار ". كذا فى فتح القريب والمهاجرون افضل من الانصار كما يدل عليه قوله عليه السلام " لولا الهجرة لكنت امرأ من الانصار ". قال ابن الملك المراد منه اكرام الانصار فانه لا رتبة بعد الهجرة اعلى من نصرة الدين انتهى وباقى الكلام سبق عند قوله تعالى{ والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار } التوبة 100. الآية فارجع الى تفسيرها { الذين اتبعوه } اى النبى صلى الله عليه وسلم ولم يتخلفوا عنه ولم يخلوا بأمر من اوامره { فى ساعة العسرة } اى وهو الزمان الذى وقع فيه غزوة تبوك فانه قد اصابتهم فيها مشقة عظيمة من شده الحر وقلة المركب حتى كانت العشرة تعتقب على بعير واحد ومن قلة الزاد حتى قيل ان الرجلين كانا يقتسمان تمرة وربما مصها الجماعة ليشربوا عليها الماء المتغير ومن قلة الماء حتى شربوا الفظ وهو ماء الكرش من عمر رضى الله عنه خرجنا فى قيظ شديد واصابنا فيه عطش شديد ان الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه.