الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ ٱلَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

{ لا يزال بنيانهم الذى بنوا } البنيان مصدر اريد به المفعول ووصفه بالموصول الذى صلته فعله للايذان بكيفية بناتهم له وتأسيسه على اوهن قاعدة واوهى اساس وللاشعار بعلة الحكم اى لا يزال مسجدهم ذلك مبنيا ومهدوما { ريبة فى قلوبهم } اى سبب ريبة وشك فى الدين كأنه نفس الريبة. اما حال بنائه فظاهر لما ان اعتزالهم من المؤمنين واجماعهم فى مجمع على حياله يظهرون فيه ما فى قلوبهم من آثار الشرك والنفاق ويدبرون فيه امورهم ويتشاورون فى ذلك ويلقى بعضهم الى بعض ما سمعوا من اسرار المؤمنين مما يزيدهم ريبة وشكا فى الدين. واما حال هدمه فلما انه رسخ به كان فى قلوبهم من الشر والفساد وتتضاعفت آثاره واحكامه { إلا أن تقطع } من التفعل بحذف احدى التائين اى الا ان تقطع { قلوبهم } قطعا وتتفرق اجزاء بحيث لا يبقى لها قابلية ادراك واضمار قطعا وهو استثناء من اعم الاوقات او اعم الاحوال محله النصب على الظرفية اى لا يزال بنيانهم ريبة فى كل وقت الاوقات او كل حال من الاحوال الا وقت تقطع قلوبهم فحينئذ يسلون عنها. واما ما دامت سالمة فالريبة باقية فيها فهو تصوير لامتناع زوال الريبة عن قلوبهم الى الموت ويجوز ان يكون المراد حقيقة تقطعها عند قتلهم او فى القبور بالبلى او فى النار { والله عليم } وخداى تعالى داناست بتأسيس بنا وايشان كه بجه نيت بوده { حكيم } فيما حكم وامر من هدم مسجدهم واظهار نفاقهم. واعلم ان فى الآيتين المذكورتين اشارات منها ان صفاء الطوية وحسن الاعتقاد كالاساس فى باب الاعمال فكما ان البناء لا يقوم على الماء بل يقوم على الارض الصلبة كذلك الاعمال لا تقوم الا على محكم الاعتقاد وهو الباعث على الاخلاص العمل الذى هو ارادة التقرب الى الله تعالى وتعظيم امره واجابة دعوته وضده النفاق وهو التقرب الى الخلق من دون الله تعالى. واما اخلاص طلب الاجر فهو ارادة نفع الآخرة بعمل الخير وضده الرياء وهو ارادة نفع الدنيا بعمل الآخرة سواء اراده من الله او من الناس لان الاعتبار فى الرياء بالمراد منه. فعلى العاقل ان يجعل اساس دينه على الاعتقاد الصحيح والاخلاص والتقوى حتى يكون كشجرة اصلها ثابت وفرعها فى السماء. ومنها ان المنافقين بنوا مسجدا للصلاة صوره فهم انما بنوا متحدثا لهم حقيقة ومحلا لقاذورات اقوالهم وافعالهم ولذا كان حريا بالقاء الجيف فيه بعد الهدم فتتمتعوا قليلا ثم وقعوا فى النار جميعا كما قال تعالىإن الله جامع المنافقين والكافرين فى جهنم } النساء 140. فكما ان من جالسهم فى مجالسهم القذرة العذرة شقى شقاوة حقيقية كذلك من جالس الصديقين والعارفين فى مجالسهم المطهرة وانديتهم المقدسة سعد سعادة ابدية وتطهر طهارة اصلية وقد قال عليه السلام

السابقالتالي
2