الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَٱنْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }

{ أفمن اسس بنيانه } جملة مستأنفة مبينة لخيرية الرجال المذكورين من اهل مسجد الضرار وهمزة الاستفهام للانكار والفاء للعطف على مقدر. والتأسيس احكام اس البناء وهو اصله والبنيان مصدر كالغفران اريد به المفعول اى المبنى. والمعنى ابعد ما علم حالهم فمن اسس بنيان مسجده اذ الكلام فيه ويؤيده اسس على التقوى. وقال الكاشفى آيا هر كس اساس افكند بناى دين خودرا { على تقوى من الله } المراد بالتقوى درجتها الثانية التى هى التقوى عن كل ما يؤثم من فعل او ترك فيكون غير منصرف كحبلى فلا تنوين فيه اذا. وقرئ بالتنوين على ان يكون الفه للالحاق كالف ارطى { ورضوان } وطلب مرضاته بالاشتغال بالطاعة { خير } اطلاق خير على معتقد اصحاب مسجد الضرار من اعتقاد الاشتراك فى الخيرية { أم من اسس بنيانه } والمعنى أى الفريقين خير واحق بالمصاحبة والصلاة معهم من اسس بناء مسجده مريدا به تقوى الله وطاعته وهم اهل مسجد قبا ام من اسس بنيان مسجده على النفاق والكفر وتفريق المؤمنين وارصاد كافر شأنه كيد المسلمين وتوهين امر الدين وترك الاضمار للايذان باختلاف البنيانين ذاتا واختلافهما وصفا واضافة { على شفا جرف هار } شفا الشئ بالقصر طرفه وشفيره وتثنيته شفوان والجرف بالضم والاسكان وهما لغتان الارض التى جرفت السيول اصلها اى حفرته واكلته والهارى المتصدع المشرف على السقوط يقال هار الجرف يهور او يهير اذا انشق من خلفه وهو ثابت بعد مكانه فهو هائر فهارى مقلوب هاير نقلت لامه الى مكان العين كما فعل فى شاك اصله شايك فصار هارى فاعل كقاضى. قال ابو البقاء اصله هاور اوهاير ثم اخرت عين الكلمة فصارت بعد الراء وقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها ثم حذفت لسكونها وسكون التنوين فوزنه بعد القلب فالع وبعد الحذف قال وعين الكلمة واو اوياء يقال تهور البناء وتهير { فانهار فى نار جهنم } يقال هار البناء هدمه فالانهار والانهيار ريهيده شدن كما فى تاج المصادر وفاعل انهار ضمير البنيان وضميربه للمؤسس البانى اى تساقط بنيانه وتناثر به اى بصاحبه فى النار. قال قتادة ذكر لنا انه حفرت بقعة من مسجد الضرار فرؤى الدخان يخرج منها. وقال جابر بن عبد الله رأيت الدخان يخرج من مسجد الضرار. قال الحدادى كما ان من بنى على جانب نهر صفته ما ذكرنا انهار بناؤه فى الماء فكذلك بناء اهل النفاق مسجد الشقاق كبناء على جرف جهنم يهور بأهله فيها { والله لا يهدى القوم الظالمين } اى لانفسهم او الواضعين للاشياء فى غير موضعها اى لا يرشدهم الى ما فيه نجاتهم وصلاحهم ارشادا موصلا لا محالة واما الدلالة على ما يرشدهم اليه ان استرشدوا به فهو متحقق بلا اشتباه. والظلم فى الحقيقة وضع عبادة الدنيا ومحبتها والحرص فى طلبها فى موضع عبادة الله تعالى ومحبته والصدق فى طلبه