الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ ٱللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

{ وآخرون } عطف على آخرون قبله اى ومن المتخلفين من اهل المدينة ومن حولها من الاعراب قوم آخرون غير المعترفين المذكورين { مرجون } قرأ نافع وحمزة والكسائى وحفص مرجون بالواو على ان يكون اصله مرجيون بالياء والباقون مرجأون بالهمزة يقال ارجيته وارجأته بالياء والهمزة والهمزة اذا اخرته والنسبة الى المهموز مرجئى كمرجعىّ لا مرج كمعط والى غير مرجى بياء مشددة عقيب الجيم وهم المرجئة بالهمزة والمرجية بالياء مخففة كما فى القاموس والمرجئة قوم لا يقطعون على اهل الكبائر بشئ من عفو او عقوبة بل يرجئون الحكم فى ذلك اى يؤخرونه الى يوم القيامة كما فى المغرب والمعنى مؤخرون { لأمر الله } فى شأنهم اى حتى ينزل الله فيهم ما يريد { اما يعذبهم } ان بقوا على ما هم عليه من الحال وهو عدم المسارعة الى التوبة والاعتذار دون النفاق فانهم كانوا غير مخلصين { وإما يتوب عليهم } ان خلصت نيتهم وصحت توبتهم والجملة فى محل النصب على الحالية اى منهم هؤلاء اما معذبين واما متوبا عليهم. فان قلت اما للشك والله تعالى منزه عنه اذ هو عالم بما يصير اليه امرهم. قلت الترديد راجع الى العباد. والمعنى ليكن امرهم عندكم بين الخوف والرجاء. وقال ابو البقاء اذا كانت اما للشك جاز ان يليها الاسم وجاز ان يليها الفعل فان كانت للتخيير وقع الفعل بعدها وكانت معه ان كقوله اما ان تلقى { والله عليم } باحوالهم { حكيم } فيما فعل من الارجاء وغيره. والآية نزلت فى ثلاثة نفر من المتخلفين وهم كعب بن مالك ومرارة بن الربيع العمرى وهلال بن امية كانوا من اهل بدر ومياسير ومع ذلك تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك. قال كعب بن مالك انا افره اهل المدينة جملا فمتى شئت لحقت العسكر فتأخر اياما وأيس بعدها من اللحوق بهم فندم على ما صنعه وكذلك صاحباه ولكن لم يفعلوا ما فعله الو لبابة واصحابه من شد انفسهم على السوارى واظهار الغم والجزع فوفقنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية ونهى الناس ان يجالسوهم او يؤاكلوهم او يشاربوهم وامرهم باعتزال نسائهم وارسالهن الى اهليهن فجاءت امرأة هلال تسأل ان تأتيه بطعامه فانه شيخ كبير فاذن لها فى ذلك خاصة وجاء رسول من الشام الى كعب برغبة فى اللحاق بهم فقال كعب بلغ من خطيئتى الى ان طمع فى المشركون قال فضاقت على الارض بما رحبت وبكى هلال بن امية حتى خيف على بصره فجعل ناس يقولون هلكوا ان لم ينزل الله لهم عذرا وآخرون يقولون عسى الله ان يغفر لهم فصاروا عندهم مرجئين لامر الله اما يعذبهم واما يرحمهم حتى نزلت توبتهم بعد ما مضى خمسون يوما بقوله

السابقالتالي
2