الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَٰوتَك سَكَنٌ لَّهُمْ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

{ خذ } يا محمد { من أموالهم } اى من اموال هؤلاء المتخلفين المعترفين بذنوبهم { صدقة } حال كونك { تطهرهم } اى عما تلطخوا من اوضار التخلف { وتزكيهم بها } اى تنمى بتلك الصدقة واخذها حسناتهم وترفعهم الى مراتب المخلصين -روى- انه لما حلهم النبى عليه السلام من وثاقهم وتاب الله عليهم راحوا الى منازلهم وجاؤوا باموالهم كلها وقالوا يا رسول الله هذه اموالنا خلقتنا عنك خذها فتصدق بها عنا فكره النبى عليه السلام ذلك فنزلت هذه الآية فاخذ رسول الله ثلث اموالهم لتكمل به توبتهم ويكون جاريا مجرى الكفارة لتخلفهم فهذه الصدقة ليست الصدقة المفروضة فانها لا تؤخذ هكذا. وقيل هذا كلام مبتدأ نزل لايجاب اخذ الزكاة من الاغنياء عليه وان لم يتقدم ذكر لهم كقوله تعالىإنا أنزلناه فى ليلة القدر } القدر 1 لدلالة الحال على ذلك والمعنى. خذ من اموال اغنياء المسلمين صدقة اى زكاة وسميت بها لدلالتها على صدق العبد فى العبودية واليه ذهب اكثر الفقهاء. قال فى الاختيار من امتنع عن اداء الزكاة اخذها الامام كرها ووضعها موضعها لقوله تعالى { خذ من اموالهم صدقة } وفى الاشباه المعتمد فى المذهب عدم الاخذ كرها. قال فى المحيط ومن امتنع من اداء الزكاة فالساعى لا يأخذ منه كرها ولو اخذ لا يقع عن الزكاة لكونها بلا اختيار ولكن يجبره بالحبس ليؤدى بنفسه انتهى. قال فى المبسوط وما يأخذ ظلمة زماننا من الصدقات والعشور والجزية والخراج والجبايات والمصادرات فالاصح ان يسقط جميع ذلك عن ارباب الاموال اذا نووا عند الدفع التصدق عليهم وقيل علم من يأخذه بما يأخذ شرط فالأحوط ان يعاد { وصل عليهم } اى ادع لهم بالخير والبركة واستغفر لهم { ان صلوتك سكن لهم } تسكن اليها نفوسهم وتطمئن بها قلوبهم فهو فعل بمعنى مفعول كالنقض بمعنى المنقوض { والله سميع } باعترافهم { عليم } بندامتهم. قال فى الكافى الصلاة على الميت مشروعة بقوله تعالىوصل عليهم ان صلوتك سكن لهم } التوبة 103 وقوله عليه السلام " صلوا على كل بر وفاجر ". -روى- ان آدم عليه السلام لما توفى اتى بحنوط وكفن من الجنة ونزلت الملائكة فغسلته وكفنته فى وتر من الثياب وحنطوه وتقدم ملك منهم فصلى عليه وصلت الملائكة خلفه. وفى رواية قال ولده شيث لجبريل عليه السلام صلى عليه فقال له جبريل تقدم انت فصل على ابيك فصلى عليه وكبر ثلاثين تكبيرة ثم اقبروه ثم الحدوه ونصبوا اللبن عليه وابنه شيث الذى هو وصيه معهم فلما فرغوا قالوا له هكذا فاصنع بولدك واخوتك فانها سنتكم ومنه يعلم ان الغسل والتكفين والصلاة والدفن واللحد من الشرائع القديمة. وقال بعضهم صلاة الجنازة من خصائص هذه الامة ولا منافاة لانه لا يلزم من كونها من الشرائع القديمة ان تكون معروفة لقريش اذ لو كانت كذلك لفعلوا ذلك وفى كلام بعضهم كانوا فى الجاهلية يغسلون موتاهم وكانوا يكفنونهم ويصلون عليهم وهو ان يقوم ولى الميت بعد ان يوضع على سريره فيذكر محاسنه ويثنى ثم يقول عليك رحمة الله ثم يدفن - روى - ان النبى عليه السلام لما قدم المدينة وجد البراء بن معرور رضى الله عنه قد مات فذهب رسول الله واصحابه فصلى على قبره وكبر فى صلاته اربعا فصلاة الجنازة فرضت فى السنة الاولى من الهجرة على ما قالوا ومن انكر فرضية صلاة الجنازة كفر كما فى القنية.

السابقالتالي
2 3 4 5 6