الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ }

{ ثم ان علينا حسابهم } فى المحشر لا على غيرنا فنحن نحاسبهم على النقير والقطمير من نياتهم وأعمالهم وثم للتراخى فى الرتبة لا فى الزمان فان الترتب الزمانى بين ايابهم وحسابهما لا بين كون ايابهم اليه تعالى وحسابهم عليه تعالى فانهما أمران مستمران قال أبو بكر بن طاهر رحمه الله ان الينا ايابهم فى الفضل ثم ان علينا حسابهم فى العدل وقال البقلى رحمه الله انظر كيف تفضل بعد الوعيد بأن جعل نفسه مآبهم وتكفل بنفسه حسابهم فينبغى ان يعيشوا بهذين الفضلين أطيب العيش فى الدارين ويطيروا من الفرح بهذين الخطابين. يقول الفقير ما قاله البقلى هو ما ذاقه العارفون بطريق المكاشفة فينبغى أن لا يغتر به العوام فانه قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا وتزينوا للعرض الاكبر على الله تعالى يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية انما خف الحساب فى الآخرة على قوم حاسبوا أنفسهم فى الدنيا وثقلت موازين قوم فى الآخرة وزنوا نفوسهم فى الدنيا ومحاسبة النفس تكون بالورع وموازنتها تكون بمشاهدة عين اليقين والتزين للعرض يكون بمخافة الملك الاكبر وعن على رضى الله عنه اما بعد فان المرء يسره درك ما لم يكن ليفوته ويسوءه فوت ما لم يكن ليدركه فما نالك من الدنيا فلا تكثرنه فرحا وما فاتك منها فلا تتبعنه أسفا وليكن سرورك بما قدمت وأسفك على ما خلفت وشغلك لآخرتك وهمك فيما بعد الموت وفى الحديث " ثلاث من كن فيه استكمل ايمانه لا يخاف فى الله لومة لائم ولا يرآئى بشئ من عمله واذا عرض له أمران أحدهما للدنيا والآخر للآخرة آثر الآخرة على الدنيا " وقال عليه السلام " لو لم ينزل على الا هذه الآية لكانت تكفى " ثم قرأ آخر سورة الكهف فمن كان يرجو لقاء ربه الخ فكان هذا فصل الخطاب وبلاغا لأولى الالباب فالعمل الصالح الاخلاص بالعبادة ونفى الشرك بالخلق هو اليقين بتوحيد الخالق فما كان لله اى خالصا لاجله وبالله اى بمشاهدة قربه لا بمقارنة نفسه وهواه وفى الله اى سبيله وطلب ما عنده لا لاجل عاجل حظه فمقبول واهله من المقربين وحسابهم حساب يسير بل لا حساب لهم. تمت سورة الغاشية بعون الله ذى العطايا الغاشية فى السابع عشر من شهر مولد النبى عليه السلام من سنة سبع عشرة ومائة وألف.