الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ٱلأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

{ ما كان } ما صح ما استقام { لنبى } من الانبياء عليهم السلام { ان يكون له اسرى } اى يثبت له فكان هذه تامة. واسرى جمع اسير كجرحى جمع جريح واسارى جمع الجمع -روى- انه عليه السلام اتى يوم بدر بسبعين اسيرا فيهم العباس وعقيل بن ابى طالب فاستشار فيهم فقال ابو بكر هم قومك واهلك استبقهم لعل الله يهديهم الى الاسلام وخذ منهم فدية وتقوى بها اصحابك وقال عمر كذبوك واخرجوك من ديارك وقاتلوك فاضرب اعناقهم فانهم ائمة الكفر مكنى من فلان لنسيب له ومكن عليا من عقيل وحمزة من العباس فلنضرب اعناقهم فلم يهو ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال " ان الله ليلين قلوب رجال حتى تكون الين من اللبن وان الله ليشدد قلوب الرجال حتى لا تكون اشد من الحجارة وان مثلك ياابا بكر مثل ابراهيم قال فمن تبعنى فانه منى ومن عصانى فانك غفور رحيم ومثلك يا عمر مثل نوح قال لا تذر على الارض من الكافرين ديارا " فخير اصحابه بان قال لهم " ان شئتم قتلتوهم وان شئتم اطلقتموهم " بان تأخذوا من كل اسير عشرين اوقية والاقية اربعون درهما فى الدراهم وستة دنانير فى الدنانير " الا ان يستشهد منكم بعدتهم " فقالوا بل ناخذ الفداء ويدخل منا الجنة سبعون وفى لفظ ويستشهد مناعدتهم فاستشهدوا يوم احد بسبب قولهم هذا واخذهم الفداء فنزلت الآية فى فداء اسارى بدر فدخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا هو وابو بكر يبكيان فقال يا رسول الله اخبرنى فان اجد بكاء بكيت والا تباكيت فقال " ابكى على اصحابك فى اخذهم الفداء ولقد عرض علىّ عذابهم ادنى من هذه الشجرة " لشجرة قريبة منه. قال فى السيرة الحلبية اسرى بدر منهم من فدى ومنهم من خلى سبيله من غير فداء وهو ابو العاص ووهب بن عمير ومنهم من قتل وهو النضر بن الحارث وعقبة بن ابى معيط { حتى يثخن فى الارض } يكثر القتل ويبالغ فيه حتى يذل الكفر ويقل حزبه ويعز الاسلام ويستولى اهله وحتى لانتهاء الغاية فدل الكلام على ان له ان يقدم على الاسر والشد بعد حصول الاثخان وهو مشتق من الثخانة وهى الغلطة والكثافة فى الاجسام ثم استعير فى كثرة القتل والمبالغة فيه لان الامام اذا بالغ فى القتل يكون العدو كشيء ثقيل يثبت فى مكانه ولا يقدر على الحركة يقال اثخنه المرض اذا اضعفه واثقله وسلب اقتداره على الحركة { تريدون عرض الدنيا } استئناف مسوق للعتاب اى تريدون حطامها باحذكم الفداء وسمى المال عرضا لقل لبثه فمنافع الدنيا وما يتعلق بها لاثبات لها ولا دوام فصارت كأنها تعرض ثم تزول والخطاب لهم لا لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم واجله اصحابه فان مراد ابى بكر كان اعزاز الدين وهداية اسارى وفيه اشارة الىان اخذ الفداء من اسارى المشركين ما كان شيمة للنبى عليه السلام ولا لسائر الانبياء فانه رغبة فى الدنيا ومن شيمة النبى عليه السلام انه قال

السابقالتالي
2