الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ ٱلْبَيْتِ إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ }

{ وما كان صلاتهم } اى دعاء المشركين { عند البيت } اى بيت الله وهو الكعبة { إِلا مكاء } صفيرا من مكا يمكو ومكاء اذا صفر. وقال الحدادى المكاء طائرا بيض يكون فى الحجاز يصفر فسمى تصويته باسمه { وتصدية } تصفيقا وهو تصويت اليدين يضرب احداهما على الاخرى واصلها احداث الصدى وهو ما يسمع من رجع الصوت فى الامكنة الخالية الصلبة يقال صدى يصدى تصدية وكان تقرب المشركين الى الله بالصفير والتصفيق يفعلونهما عند البيت مكان الدعاء والتسبيح ويعدونهما نوعا من العبادة والدعاء لما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال كانت قريش يطوفون بالبيت عراة الرجال والنساء مشبكين بين اصابعهم يصفرون فيها ويصفقون فمساق الآية لتقرير استحقاقهم العذاب وعدم ولايتهم المسجد فانها لا تليق بمن هذه صلاته. وقال مقاتل كان النبى عليه السلام اذا صلى فى المسجد قام رجلان من بنى عبد الدار عن يمينه ورجلان عن يساره فيصفرون كما يصفر المكاء ويصفقون بايديهم ليخلطوا على النبى عليه السلام صلاته وقراءته وكانوا يفعلون كذلك بصلاة من آمن به ويريدون انهم يصلون ايضا فالمراد بالصلاة على هذا التقدير هى المأمور بها { فذوقوا العذاب } اى عذاب القتل والاسر يوم بدر ويقال اراد بهذا انه يقال لهم يوم القيامة فذوقوا العذاب { بما كنتم تكفرون } اعتقادا وعملا فالكفر والمعصية سبب للوقوع فى العذاب والتوبة والاستغفار وسيلة الى فيض الرحمة من الوهاب وهى صابون الاوزار فحيث لا توبة ولا طهارة كان كل مسلم لا يصلح لان يلى امر مسجد القلب وانما يليق بولايته من كان فارغا من الشواغل معرضا على العلائق طاهرا من العيوب والله تعالى لا يعذب اولياءه بعد ادخالهم جنات التجليات العالية والاذواق والحالات المتوالية فانهم تخلصوا من الوجود المضاف الى النار المشابه للحطب وما بقى فيهم غير النور الالهى المضيئ فى بيت القلب الحقانى وانما يعذب بعدله من لم يستعد للرحمة او من خلط عملا صالحا بآخر سيئا ليخلصه من ذلك اللوث فالاقتداء بالنبى عليه السلام قبول ما جاء به من الاحكام والشرائع مؤد الى الخلاص وسبب للتصفية فعليك بالاختيار والاجتناب فانهما فرضان وحقيقة التقوى عبارة عن كليهما وبالاحتماء يصح المريض ومعالجة القلوب المرضى اولى من كل امر واهمّ من كل شيء للعبد العاقل وذلك بالتقوى واحياء سنة خير الورى وفى الحديث " من احيى سنتى فقد احيانى ومن احيانى فقد احبنى ومن احبنى كان معى فى الجنة يوم القيمة ". وفى الحديث ايضا " من حفظ سنتى اكرمه الله باربع خصال المحبة فى قلوب البررة والهيبة فى قلوب الفجرة والسعة فى الرزق والثقة بالدين ". فان فاتت صحبة الرسول فقد تيسرت صحبة سنته وصحبة من احب سنته وذلك ماض الى يوم القيامة ولصحبة الكبار واقتران المتقين تأثير عظيم ولاستماع كلام الحق والرسول نفع تام ولكن العمدة توفيق الله وهدايته نسأل الله تعالى ان يصحح اغراضنا ويكثر صالحات اعمالنا واعواضنا ويؤيدنا بنور الكتاب والسنة ويشرفنا بالمقامات العالية فى الجنة