الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ }

{ وإِذ يمكر بك الذين كفروا } تذكير لمكر قريش حين كان بمكة ليشكر نعمة الله فى خلاصه من مكرهم واستيلائه عليهم. قال ابن اسحق لما رأوا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كانت له شيعة واصحاب من غيرهم بغير بلدهم ورأوا خروج اصحابه من المهاجرين اليهم عرفوا انهم قد نزلوا دارا واصابوا سعة فحذروا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفوا انه قد اجمع لحربهم فاجتمعوا له فى دار الندوة وهى الدار التى بناها قصىّ بن كلاب بمكة وكانت قريش لا تقضى امرا الا فيها وسميت دار الندوة لانهم ينتدون فيها اى يجتمعون للمشاورة والندىّ والندوة والنادى مجلس القوم ومتحدثهم فان تفرق القوم عنه لا يسمى نديا كما لا يسمى الظرف كأسا اذا لم يكن فيه شراب فتتشاوروا فى امر النبى عليه السلام منهم عتبة وشيبة أبى ابنا ربيعة وابو جهل وابو سفيان والنضر بن الحارث وابو البخترى بن هشام وابى بن خلف وزمعة بن الاسود وغيرهم من الرؤساء والاكابر فدخل عليهم ابليس فى صورة شيخ كبير عليه ثياب اطمار فجلس بينهم فقالوا مالك يا شيخ دخلت فى حلوتنا بغير اذننا فقال انا رجل من اهل نجد قدمت مكة فاراكم حسنة وجوهكم طيبة روائحكم فاححببت ان اسمع حديثكم فاقتبس منكم خيرا فدخلت وان كرهتم مجلسى خرجت وما جئتكم الا انى سمعت باجتماعكم فاردت ان احضر معكم ولن تعدموا منى رأيا ونصحا فقالوا ها رجل لا بأس عليكم منه فتكلموا فيما بينهم فبدأ عمر بن هشام فقال اما أنا فأرى ان تأخذوا محمدا فتجعلوه فى بيت تسدون عليه بابه وتشدون عليه وثاقه وتجعلون له كوة تدخلون عليه طعامه وشرابه فيكون محبوسا عندكم الى ان يموت فقال ابليس بئس الرأى يأتيكم من يقاتلكم من قومه ويخلصه من ايديكم فقالوا صدق والله الشيخ ثم تكلم ابو البخترى فقال ارى ان تحملوه على بعير فتشدوا وثاقه عليه ثم تخرجوه من ارضكم حتى يموت او يذهب حيث شاء فقال ابليس بئس الرأى تعمدون الى رجل افسد جماعتكم ومعه منكم طائفة فتخرجوه الى غيركم فيأتيهم فيفسد منهم ايضا جماعة بما يرون من حلاوة كلامه وطلاقة لسانه وتجتمع اليه العرب وتستمع الى حسن حديثه ثم ليأتينكم به فيخرجكم من دياركم ويقتل اشرافكم فقالوا صدق والله الشيخ فتكلم ابو جهل فقال ارى ان يجتمع من كل بطن منكم رجل ويأخذون السيوف فيضربونه جميعا ضربة رجل واحد فيتفرق دمه فى القبائل فلا يدرى قومه من يأخذونه ولا يقومون على حرب قريش كلهم فاذا طلبوا العقل عقلناه واسترحنا فقال ابليس صدق والله هذا الشاب وهو اجودكم رأيا القول قوله لا ارى غيره فتفرقوا على رأيه فنزل جبرائيل عليه السلام فاخبر النبى بذلك وامره ان لا يبيت فى مضجعه الذى كان يبيت فيه وامره بالهجرة الى المدينة فبيت عليا رضى الله عنه على مضجعه وخرج هو مع ابى بكر الصديق رضى الله عنه الى الغار.

السابقالتالي
2