الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ وَلِيُبْلِيَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاۤءً حَسَناً إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

{ فلم تقتلوهم } اى ان افتخرتم بقتل الكفار يوم بدر فاعلموا انكم لم تقتلوهم بقوتكم وقدرتكم { ولكن الله قتلهم } بنصركم وتسليطكم عليهم والقاء الرعب فى قلوبهم - " روى - انه لما طلعت قريش من العقنقل وهو الكثيب الذى جاؤا منه الى الوادى قال عليه السلام " هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسولك اللهم انى اسألك ما وعدتنى " فاتاه جبريل فقال خذ قبضة من تراب فارمهم بها فلما التقى الجمعان قال لعلى رضى الله عنه " اعطنى من حصباء الوادى " فرمى بها فى وجوههم وقال " شاهت الوجوه ". اى قبحت فما من المشركين احد الا اصاب عينيه ومنخريه تراب فانهزموا وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم ثم لما انصرفوا من المعركة غالبين غانمين اقبلوا على التفاخر يقولون قتلت واسرت وفعلت وتركت فنزلت والظاهر ان قوله { فلم تقتلوهم } رجوع الى بيان بقية قصة بدر والفاء جواب شرط مقدر يستدعيه ما مر من ذكر امداده تعالى وامره بالتثبيت وغير ذلك كأنه قيل اذا كان الامر كذلك فلم تقتلوهم انتم كما هو محتار المولى ابى السعود فى تفسيره { وما رميت } يا محمد حقيقة { اذ رميت } صورة وإلا لكان اثر الرمى من جنس آثار الافاعيل البشرية { ولكن الله رمى } اتى بما هو غاية الرمى فاوصل اجزاء تلك القبضة الى عيون جميع المشركين حتى انهزموا وتمكنتم من قطع دابرهم فصورة الرمى صدرت منه عليه السلام الا ان اثرها انما صدر من الله تعالى اذ ليس فى وسع البشر ان يرمى كفا من الحصباء فى وجوه جيش فلا يبقى فيهم عين الا ويصيبها منه شئ. واللفظ يطلق على المسمى وعلى ما هو كماله والمقصود منه كاطلاق المؤمن على المؤمن الكامل. قال فى التأويلات النجمية ان الله نفى عن الصحابة القتل بالكلية واحاله الى نفسه لانه تعالى كان مسبب اسباب القتل من امداد الملائكة والقاء الرعب فى قلوب الكفار وتقوية قلوب المؤمنين وغير ذلك فالفعل يحال الى السبب كقولهم القلم يكتب مليحا والكاتب يكتب مليحا وهو المسبب للكتابة قال فى المثنوى
هرجه خواهد آن مسبب آورد قدرت مطلق سببها بر درد از مسبب ميرسد هر خبر وشر نيست اسباب ووسائط را اثر اين سببها بر نظرها بردهاست كه نه هرديدار صنعش راسزاست ديده بايد سبب سوراخ كن تاحجب رابر كند از بيخ وبن تامسبب بيندج اندر لا مكان هرزه بيند جهد واساب ودكان   
والفرق فيما بين النبى عليه السلام وبين الصحابة رضى الله عنهم ان الله تعالى نفى القتل عن الصحابة بالكلية واحاله الى نفسه فجعلهم سببا للقتل وهو المسبب وما نفى الرمى عن النبى عليه السلام بالكلية بل اسند اليه الرمى ولكن نفى وجوده بالكلية فى الرمى واثبته لنفسه تعالى اى وما ورميت بك اذ رميت ولكن رميت بالله وذلك فى مقام التجلى فاذا تجلى الله لعبد بصفة من صفاته يظهر على العبد منه فعلا يناسب تلك الصفة كما كان من حال عيسى عليه السلام لما تجلى الله له بصفة الاحياء كان يحيى الموتى باذنه اى به وهذا كقوله تعالى

السابقالتالي
2