الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ ٱلنَّارِ }

{ ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النَّار } قوله ذلكم خبر مبتدأ محذوف وقوله وان الخ معطوف عليه. وقوله فذوقوه اعتراض والضمير لما فى ضمن المشار اليه من العقاب والتقدير حكم الله ذلكم اى ثبوت هذا العقاب لكم عاجلا وثبوت عذاب النار آجلا وانما قال فى عذاب الدنيا فذوقوه لان الذوق يتناول اليسير من الشئ فكل ما يلقى الكفار من ضرب او قتل او اسر او غيرها فى الدنيا فهو بالنسبة الى ما اعد لهم فى الآخرة بمنزلة ذوق المطعوم بالنسبة الى اكله. قال فى التأويلات النجمية { فذوقوه } اى ذوقوا العاجل منه صورة ومعنى اما صورة فبالقتل والاسر والمصائب والمكروهات واما معنى فبالبعد والطرد عن الحضرة وتراكم الحجب وموت القلب وعمى البصيرة وضعف الروح وقوة النفس واستيلاء صفاتها وغلبة هواها وما يبعده عن الحق ويقربه الى الباطل. وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال سوى اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صفوفهم وقدموا راياتهم فوضعوها مواضعها فوقف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على بعير له يدعو الله ويستغيث فهبط جبريل عليه السلام فى خمسمائة على ميمنتهم وميكائيل عليه السلام فى خمسمائة على ميسرتهم فكان الملك يأتى الرجل من المسلمين على صورة رجل ويقول له دنوت من عسكر المشركين فسمعتهم يقولون والله لئن حملوا علينا لا نثبت لهم ابدا والقى الله فى قلوب الكفرة الرعب بعد قيامهم للصف فقال عتبة بن ربيعة يا محمد اخرج الينا اكفاءنا من قريش نقاتلهم فقام اليهم بنوا عفراء من الانصار عوذ ومعوذ اّمهم عفراء وابوهم الحارث فمشوا اليهم فقالوا لهم ارجعوا وارسلوا الينا اكفانا من بنى هاشم فخرج عليهم حمزة وعلى عبيدة بن الحارث فقال على مشيت الى الوليد بن عتبة ومشى الى فضربته بالسيف اطرت يده ثم بركت عليه فقتلته فقام شيبة بن ربيعة الى عبيدة بن الحارث فاختلفا بضربتين ثم ضرب عبيدة ضربة اخرى فقطع ساق شيبة ثم قام حمزة الى عتبة فقال انا اسد الله واسد رسوله ثم ضربه حمزة فقتله فقام ابو جهل فى اصحابه يحرضهم يقول لا يهولنكم ما لقى هؤلاء فانهم عجلوا فاستحقوا ثم حمل هو بنفسه ثم حمل المسلمون كلهم على المشركين فهزموهم باذن الله تعالى وفى حق هؤلاء السادات ورد " اطلع الله على أهل بدر " يعنى نظر اليهم بنظر الرحمة والمغفرة " فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ". المراد به إظهار العناية بهم وإعلاء رتبتهم لا الترخيص لهم فى كل فعل كما يقال للمحبوب اصنع ما شئت. فعلى العاقل ان يقتفى باثرهم فى باب المجاهدة مطلقا قال الحافظ
درره نفس كزوسينه ما بتكده شد تيرآهى بكشاييم وغزايى بكنيم   
وقال فى حق أهل الجزع
ترسم كزين جمن نبرى آستين كل كز كلشنش تحمل حارى نمكينى   
اللهم اجعلنا من الصابرين