الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلأَقْدَامَ }

{ إذ يغشيكم النعاس } قال جماعة من المفسرين " لما امر الله النبى عليه السلام بالمسير الى الكفار سار بمن معه حتى اذا كان قريبا من بدر لقى رجلين فى الطريق فسألها هل مرت بكما العير قالا نعم مرت بنا ليلا وكان بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة من المسلمين فاخذوا الرجلين وكان احدهما عبدا للعباس بن عبد المطلب يقال له ابو رافع والآخر عبدا لعقبة بن ابى معيط يقال له اسلم كانا يسقيان الماء فدفع اسلم الى اصحابه يسألونه واخذ وهو يسأل ابا رافع عمن خرج من اهل مكة فقال ما بقى بها احد الا وقد خرج فقال عليه السلام تأتى مكة اليوم بافلاذ كبدها ثم قال هل رجع منهم احد قال نعم ابىّ بن سريق فى ثلاثمائة من بنى زهرة وكان خرج لمكان العير فلما اقبلت العير رجع فسماه النبى عليه السلام الا خنس حين خنس بقومه ثم اقبل على اصحابه وهم يسألون اسلم وكان يقول لهم خرج فلان وفلان وابو بكر يضر به بالعصا ويقول له كذبت أتجبن الناس فقال عليه السلام " ان صدقكم ضربتموه وان كذبكم تركتموه ". فعلموا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عرف امرهم فساروا حتى نزلوا فى كثيب اعفر " اى فى تل من الرمل الاحمر تسوخ فيه الاقدام اى تدخل وتغيب على غير ماء بالجانب الاقرب من المدينة من الوادى ونزل المشركون بجانبه الا بعد من المدينة الاقرب الى مكة والوادى بينهما ثم باتوا ليلتهم تلك وناموا ثم استيقظوا وقد اجنب اكثرهم وغلب المشركون على ماء بدر وليس معهم ماء فتمثل لهم الشيطان فوسوس اليهم وقال انتم يا اصحاب محمد تزعمون انكم على الحق وانكم اولياء الله وفيكم رسوله وانكم تصلون على غير وضوء وعلى الجنابة وقد عطشتم ولو كنتم على الحق ما سبقكم المشركون الى الماء وغلبوكم عليه وما ينتظرون الا ان يضعفكم العطش فاذا قطع اعناقكم مشوا اليكم فقتلوا من احبوا وساقوا بقيتكم الى مكة فحزنوا حزنا شديدا فاشفقوا فانزل الله عليهم المطر ليلا حتى سال الوادى وامتلأ من الماء فاغتسل المسلمون وتوضأوا وشربوا وسقوا دوابهم وبنوا على عدوته اى جانبه حياضا واشتد الرمل وتلبدت بذلك ارضهم واوحل ارض عدوهم حتى تثبت عليها الاقدام وزالت وسوسة الشيطان وطابت النفوس وقويت القلوب وتهيأوا للقتال من الغد فذلك قوله تعالى { إذ يغشيكم النعاس } اى اذكروا ايها المؤمنون وقت جعل النعاس وهو اول النوم قبل ان يثقل عاشيا لكم ومحيطا وملقى عليكم { أمنة منه } منصوب على العلية بفعل مترتب على الفعل المذكور اى يغشيكم النعاس فتنعسون امنا كائنا من الله تعالى لا كلالا واعياء فيتحد الفاعلان لان الا من فعل النعاس.

السابقالتالي
2 3