الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }

{ يسألونك عن الأنفال } اى عن حكم الغنائم فالسؤال استفتائى ولهذا عدى بكلمة عن لا استعطائى كما يقال سألته درهما لان السؤال قد يكون لاقتضاء معنى فى نفس المسئول فيتعدى اذ ذاك كما قال سلى ان جهلت الناس عنى وعنهمو وقد يكون لاقتضاء مال ونحوه فيتعدى اذ ذاك الى المفعولين كالمثال المذكور. والنفل الزيادة وسميت الغنيمة به لانها عطية من الله زائدة على ما هو الاجر فى الجهاد من الثواب الاخروى وعلى ما اعطاه لسائر الامم حيث لم يحل لهم الغنائم وكانت تنزل نار من السماء فتأكلها والنافلة من الصلاة ما زاد على الغرض ويقال لولد الولد نافله لأنه زياده على الولد ويطلق على ما يشرطه الامام المقتحم خطر عطية له وزيادة على سهمه من الغنم - روى- ان المسلمين اختلفوا فى غنائم بدر وفى قسمتها فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تقسم والى اين تصرف ومن الذين يتولون قسمتها أهم المهاجرون ام الانصار أم هم جميعا فنزلت فضمير يسألون لاصحاب بدر لتعينهم حال نزول الآية فلا حاجة الى سبق الذكر صريحا. والمعنى يستفتونك فى حكم الانفال { قل الأنفال لله والرسول } اى امرها وحكمها مختص به تعالى يقسمها الرسول كيفما امر به من غير ان يدخل فيه رأى احد*قال الحدادى اضافة الغنائم الى الله على جهة التشريف لها واضافتها الى الرسول لانه كان بيان حكمها وتدبيرها اليه { فاتقوا الله } اى اذا كان امر الغنائم لله ورسوله فاتقوا الله تعالى واجتنبوا ما كنتم فيه من المشاجرة فيها والاختلاف الموجب لسخطه تعالى { واصلحوا ذات بينكم } ذات البين هى الاحوال التى تقع بين الناس كما ان ذات الصدور هى المضمرات الكائنة فيها وذات الاناء هى ما حل فيه من الطعام والشراب ولما كان ما حل فى الشيء ملابسا له قيل انه صاحب محله وذوه مثل ان يقال اسقنى ذا انائك اى الماء الذى فيه اى واصلحوا ما بينكم من الاحوال بالمواساة والمساعدة فيما رزقكم الله تعالى وتفضل به عليكم وذلك لان المقاتلة قالوا لنا الغنائم وارادوا ان لا يواسوا الشيوخ والوجوه الذين كانوا عند الرايات* قال عبادة بن الصامت نزلت فينا معشر اصحاب بدر حين اختلفنا فى النفل وساءت فيه اخلاقنا فنزعه الله من ايدينا فجعله لرسوله فقسمه بين المسلمين على السواء { وأطيعوا الله ورسوله } بتسليم امره ونهيه { إن كنتم مؤمنين } متعلق بالاوامر الثلاثة والمراد بالايمان كما له فان اصل الايمان لا يتوقف على التحلى بمجموع تلك الامور كلها بل يتحقق بمجرد الطاعة بقبول ما حكم الله ورسوله به والاعتقاد بحقيته. والمعنى ان كنتم كاملى الايمان فإن كمال الايمان يدور على هذه الخصال الثلاث* واعلم ان كثرة السؤال توجب الملال ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2