الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً }

{ وقالوا } اى الرؤساء للاتباع والسفلة { لا تذرن آلهتكم } اى لا تتركوا عبادتها على الاطلاق الى عبادة رب نوح ومن عطف مكروا على اتبعوا يقول معنى وقالوا وقال بعضهم لبعض فالقائل ليس هو الجمع { ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا } جرد الاخرين عن حرف النفى اذ بلغ التأكيد نهايته وعلم ان القصد الى كل فرد فرد لا الى المجموع من حيث هو مجموع والمعنى ولا تذرن عبادة هؤلاء خصوصا فهو من عطف الخاص على العام خصوصا بالذكر مع اندراجها فيما سبق لانها كانت اكبر اصنامهم وأعظم ما عندهم وقد انتقلت هذه الاصنام بأعيانها عنهم الى العرب فكان ود لكلب بدومة الجندل بضم دال دومة ولذلك سمت العرب بعبد ود وقال الراغب الود صنم سمى بذلك اما لمودتهم له او لاعتقادهم ان بينه وبين البارى تعالى مودة تعالى عن ذلك وكان سواع لهمدان بسكون الميم قبيلة باليمين ويغوث لمذحج كمجلس بالذال المعجمة وآخره جيم ومنه كانت العرب تسمى عبد يغوث ويعول لمراد وهو كغراب او قبيلة سمى به لانه تمرد ونسر لحمير بكسر الحاء وسكون الميم بوزن درهم موضع عربى صنعاء اليمن وقيل انتقلت اسماؤها اليهم فاتخذوا امثالها فعبدوها اذ يبعد بقاء اعيان تلك الاصنام كيف وقد خربت الدنيا فى زمان الطوفان ولم يضعها نوح فى السفينة لانه بعث لنفيها وجوابه ان الطوفان دفنها فى ساحل جدة فلم تزل مدفونة حتى اخرجها اللعين لمشركى العرب نظيره ما روى ان آدم عليه السلام كتب اللغات المختلفة فى طين وطبخه فلما أصاب الارض الغرق بقى مدفونا ثم وجد كل قوم كتابا فكتبوه فأصاب اسمعيل عليه السلام الكتاب العربى وقيل هى اسماء رجال صالحين كانوا بين آدم ونوح وقيل من اولاد آدم ماتوا فحزن الناس عليهم حزنا شديدا واجتمعوا حول قبورهم لا يكادون يفارقونها وذلك بأرض بابل فلما رأى ابليس فعلهم ذلك جاء اليهم فى صورة انسان وقال لهم هل لكم أن أصور لكم صورهم اذا نظرتم اليها ذكرتموهم واستأنستم وتبركتم بهم قالوا نعم فصور لهم صورهم من صفر ورصاص ونحاس وخشب وحجر وسمى تلك الصور بأسمائهم ثم لما تقادم الزمن وانقرضت الآباء والابناء وابناء الابناء قال لمن حدث بعدهم ان من قبلكم كانوا يعبدون هذه الصور فعبدوها فى زمان مهلابيل بن قيتان ثم صارت سنة فى العرب فى الجاهلية وذلك اما باخراج الشيطان اللعين تلك الصور كما سبق او بانه كان لعمرو بن لحى وهو اول من نصب الاوثان فى الكعبة تابع من الجن فقال له اذهب الى جدة وائت منها بالآلهة التى كانت تعبد فى زمن نوح وادريس وهى ودالخ فذهب وأتى بها الى مكة ودعا الى عبادتها فانتشرت عبادة الاصنام فى العرب وعاش عمر وبن لحى ثلاثمائة واربعين سنة ورأى من ولده وولد ولد ولده الف مقاتل ومكث هو وولده فى ولاية البيت خمسمائة سنة ثم انتقلت الولاية الى قريش فمكثوا فيها خمسمائة اخرى فكان البيت بين الاصنام ألف سنة وذكر الامام الشعرانى ان اصل وضع الاصنام انما هو من قوة التنزيه من العلماء الاقدمين فانهم نزهوا الله عن كل شئ وامروا بذلك عامتهم فلما رأوا ان بعض عامتهم صرح بالتعطيل وضعوا لهم الاصنام وكسوها الديباج والحلى والجواهر وعظموها بالسجود وغيره ليتذكروا بها الحق الذى غاب عن عقولهم وغاب عن اولئك العلماء ان ذلك لا يجوز الا باذن من الله تعالى هنا كلامه قال السهيلى ولا أدرى من اين سرت لهم تلك الاسماء القديمة أمن قبل الهند فقد ذكر عنهم انهم كانوا المبدأ فى عبادتهم الاصنام بعد نوح ام الشيطان ألهمهم ما كانت عليه الجاهلية الاولى قبل نوح وفى التكملة روى تقى بن مخلد أن هذه الاسماء المذكورة فى السورة كانوا ابناء آدم عليه السلام من صلبه وأن يغوث كان اكبرهم وهى اسماء سريانية ثم وقعت تلك الاسماء الى أهل الهند فسموا بها اصنامهم التى زعموا انها على صور الدارارى السبعة وكانت الجن تكلمهم من جوفها فافتتنوا بها ثم ادخلها الى ارض العرب عمرو بن لحى بن قمعة بن الياس بن مضر فمن قبله سرت الى ارض العرب وقيل كان ود على صورة رجل وسواع على صورة امرأة ويغوث على صورة أسد ويعوق على صورة فرس ونسر على صورة نسر وهو طائر عظيم لانه ينسر الشئ ويقتلعه وفى التأويلات النجمية لا تتركن عبودية آلهتكم التى هى ود النفس المصورة بصورة المرأة وسواع الهوى المصور بصورة الرجل ويغوث الطبيعة المشكلة بشكل الأسد ويعوق الشهوة المشكلة بصورة الفرس ونسر الشره المصور بصورة النسر وقال القاشانى اى معبوداتكم التى عكفتم بهواكم عليها من ود البدن الذى عبدتموه بشهواتكم وأحييتموه وسواع النفس ويغوث الاهل ويعوق المال ونسر الحرص.