الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ }

{ تعرج الملائكة } المأمورون بالنزول والعروج دون غيرهم من المهيمين ونحوهم لان من الملائكة من لا ينزل من السماء اصلا ومنهم من لا يعرج من الارض قطعا { والروح } اى جبريل افرده بالذكر لتميزه وفضله كما فى قوله تعالىتنزل الملائكة والروح } فقد ذكر مع نزولهم فى آية وعروجهم فى اخرى { اليه } اى يعرجون من مسقط الامر الى عرشه والى حيث تهبط منه اوامره كقول ابراهيم عليه السلام انى ذاهب الى ربى اى الى حيث امرنى ربى بالذهاب اليه فجعل عروجهم على العرش عروجا الى الرب لان العرش مجلى صفة الرحمانية فمنه تبتدأ الاحكام والى حيث شاء الله تعالى تهبط الملائكة بأعمال بنى آدم الى الله تعالى والروح اليهانا ظرفى ذلك المشهد { فى يوم } متعلق بتعرج كألى { كان مقداره خمسين الف سنة } مما يعده الناس كما صرح به قوله تعالىفى يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون } وقوله خمسين خبر كان وهو من باب التشبيه البليغ والاصل كمقدار مدة خمسين الف سنة. واعلم ان تحقيق هذه الآية يستدعى تمهيد مقدمه وهى ان المبروج اثنا عشرعلى ما افاده هذا البيت وهو قوله
جون حمل جون ثور وجون جوزاء وسرطان واسد سنبله ميزان وعقرب قوس وجدى ودلو وحوت   
وكان مبدأ الدولة العرشية من الميزان ومنه الى الحوت اوجد الله فيه الارواح السماوية والصور الاصلية الكلية التعينة فى جوف العرش ولكل برج يوم مخصوص به ومدة هذه البروج السته وهى الميزان والعقرب والقوس والجدى والدلو والحوت احد وعشرون الف سنة ومن الحمل الى برج السنبلة فى الحكم خمسون الف سنة ومدة دور السنبلة سبعة آلاف سنة وهى الآخرة وفى اول هذه الدورة التى هى دور السنبلة بموجب الامر الالهى الموحى به هناك ظهر النوع الانسانى وبعث نبينا عليه السلام فى الالف الآخر من السبعة وفى الاجزآء البرزخية بين احكام دور السنبلة ودور الميزان المختص بالآخرة فانه اذا تم دور البروج الاثنى عشر ينتقل الحكم الى الميزان وهو زمان القيامة الكبرى فأخذنا كفة الالف الاولى للدنيا فى الدولة المحمدية والكفة الآخرى للآخرة والحشر اى أخذنا النصف الاول من الف الميزان الثانى لهذه النشأة والنصف الاخير منه للنشأة الآخرة ولهذا استقرت الاخبار فى قيام الساعة وامتدادها الى خمسمائة سنة بعد الالف وهى النصف الاول من الالف الثانى من الميزان الثانى ولم يتجاوز حد الدنيا ذلك عند أحد من علماء الشريعة فبعث النبى عليه السلام فى زمان امتزاج الدنيا بالآخرة كالصبح الذى هو اول النهار المشرع ومنه الى طلوع الشمس نظر الزمان الذى هو من المبعث الى قيام الساعة فكما يزداد الضوء بعد طلوع الفجر بالتدريج شيأ بعد شئ كذلك ظهور احكام الآخرة من حين المعث يزداد الى زمان طلوع الشمس من مغربها كما أشار عليه السلام اليه بقوله

السابقالتالي
2 3 4 5