الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ }

{ فأخذتهم الرجفة } اى الزلزلة الشديدة لكن لا اثر ما قالوا بل بعد ما جرى عليهم ما جرى من مبادئ العذاب فى الايام الثلاثة كما سيجيء ورد فى حكاية هذه القصة { فأخذتهم الرجفة } وفى موضعفاخذتهم الصيحة } المؤمنون 41. وفى موضعفاهلكوا بالطاغية } الحاقة 5. ولا تناقض لان الرجفة مترتبة على الصيحة لانه لما صيح بهم رجفت قلوبهم فماتوا فجاز ان يسند الاهلاك الى كل واحدة منهما. وقال الحدادى فأخذتهم الزلزلة ثم صيحة جبريل. وفى التفسير الفارسى بس فرا كرفت ايشانرا بسبب كشتن ناقه زلزله بعد از سفيدن صيحه عظيم واما قوله بالطاغية فالباء فيها سببية والطاغية مصدر بمعنى الطغيان كالعاقبة والتاء للمبالغة كما فى علامة ومعناه اهلكوا بسبب طغيانهم { فأصبحوا فى دارهم } اى صاروا فى اراضيهم وبلدهم او فى مساكنهم { جاثمين } اى خامدين موتى لا حراك بهم واصل الجثوم البروك يقال الناس جثوم اى قعود لا حراك بهم. قال ابو عبيدة الجثوم للناس والطير والبروك للابل والمراد كونهم كذلك عند ابتداء نزول العذاب بهم من غير اضطراب وحركية كما يكون عند الموت المعتاد ولا يخفى ما فيه من شدة الاخذ وسرعة البطش اللهم انا بك نعوذ من نزول سخطك وحلول غضبك قيل حيث ذكرت الرجفة وحدت الدار وحيث ذكرت الصيحة جمعت لان الصيحة كانت من السماء فبلوغها اكثر وابلغ من الزلزلة فقرن كل منهما بما هو أليق به - روى - انهم لما عقروا الناقة هرب ولدها الى جبل فرغا ثلاثا وكان صالح قال لهم بعد بلوغ خبر القتل اليه ادركوا الفصيل عسى ان يرفع عنكم العذاب فلم يقدروا عليه فانفجت الصخرة بعد رغائه فدخلها قال صالح لكل رغوة اجل يوم تمتعوا فى داركم اى فى بلادكم ثلاثة ايام ذلك وعد غير مكذوب وقد عقروا الناقة يوم الاربعاء فقال لهم صالح ابشروا بعذاب الله ونقمته فقالوا له وما علامة ذلك فقال تصبحون غداة يوم الخميس ووجوهكم مصفرة ثم تصبحون يوم الجمعة وجوهكم محمرة ثم تصبحون يوم السبت ووجوهكم مسودة ثم يصبحكم العذاب اول يوم الاحد فكان الامر كما وصف نبيهم حيث اصبحوا يوم الخميس كأن وجوههم طليت بالزعفران صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وانثاهم فأيقنوا بالعذاب وعلموا ان صالحا قد صدق فطلبوه ليقتلوه فهرب منهم واختفى فى موضع فلم يجدوه فجعلوا يعذبون اصحابه ليدلوهم عليه فلما اصبحوا يوم الجمعة اصبحت وجوههم محمّرة كأنما خضبت بالدماء فصاحوا باجمعهم وضجوا وبكوا وعرفوا ان العذاب قد دنا اليهم وجعل كل واحد منهم يخبر الآخر بما يرى فى وجهه ثم اصبحوا يوم السبت ووجوههم مسودة كأنها طليت بالقار والنيل فصاحوا جميعا الا قد حضر العذاب فلما كان ليلة الاحد خرج صالح من بين اظهرهم ومن آمن به الى الشام فنزل رملة فلسطين فلما كان يوم الاحد وهو اليوم الرابع وارتفع الضحى تحنطوا بالصبر لئلا يتعرض لهم السباع لمرارته وتكفنوا بالانطاع والقوا نفوسهم على الارض يقلبون ابصارهم الى السماء مرة والى الأرض أخرى لا يدرون من أين يأتيهم العذاب فأتت صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شيء له صوت ورجفة من الارض فتقطعت قلوبهم فى صدورهم فلم يبق منهم صغير ولا كبير الا هلك.

السابقالتالي
2