{ أوعجبتم ان جاءكم ذكر من ربكم } اى استبعدتم وعجبتم من ان جاءكم وحى من مالك اموركم ومربيكم { على رجل منكم } اى على لسان رجل من جنسكم { لينذركم } ويحذركم عاقبة ما انتم عليه من الكفر والمعاصى فمن فرط الجهالة وغاية الغباوة عجبوا من كون رجل رسولا ولم يتعجبوا من كون الصنم شريكا { واذكروا اذ جعلكم خلفاء } شروع فى بيان ترتيب احكام النصح والامانة والانذار وتفصيلها واذ منصوب باذكروا على المفعولية دون الظرفية اى اذكروا وقت استخلافكم. قال صاحب الفوائد يشكل هذا بقولهم اذ وانا وقوعهما ظرفين لازم. واجيب بان باب الاتساع واسع. قال المولى ابو السعود ولعله معطوف على مقدر كأن قيل لاتعجبوا من ذلك وتدبروا فى اموركم واذكروا وقت جعله تعالى اياكم خلفاء { من بعد قوم نوح } اى فى مساكنهم او فى الارض بان جعلكم ملوكان فان شداد بن عاد ممن ملك معمورة الارض من رمل عالج الى شحر عمان. قال فى التأويلات النجمية جعل الله الخلق بعضهم خلفاء عن بعض وجعل الكل خلفاء فى الارض ولا يفنى جنسا منهم الا اقام قوما خلفاء عنهم من ذلك الجنس فاهل الغفلة اذا انقرضوا اخلف عنهم قوما واهل الوصلة اذا انقرضوا ودرجوا اخلف عنهم قوما { وزادكم فى الخلق } اى فى الابداع والتصوير بالفارسى وبيفزود شما او فى الناس { بصطة } قامة وقوة فان لم يكن فى زمانهم مثلهم فى عظم الاجرام كانت قامة الطويل منهم مائة ذراع وقامة الصغير ستين ذراعا. قال وهب كان رأس احدهم كالقبة العظيمة وكان عين احدهم يفرخ فيها السباع وكذلك مناخرهم. والاشارة كما ان الله تعالى زاد قوما على من تقدمهم فى بسطة الخلق زاد قوما على من تقدمهم فى بسطة الخلق فكما اوقع التفاوت بين شخص وشخص فيما يعود الى المبانى اوقع التباين بني قوم وقوم فيما يرجع الى المعانى قال الفرزدق
وقد تلتقى الاسماء فى الناس والكنى كثيرا ولكن فرقوا فى الخلائق
جمع الخليقة وهى الطبيعة وفى هذا المعنى قال الخاقانى
نى همه يك رنك دارد درنيسانها وليك ازيكى نى قند خيزد وزدكرنى بوريا
{ فاذكروا آلاء الله } جمع الى بمعنى النعمة وهو تعميم بعد تخصيص { لعلكم تفلحون } لكى يؤديكم ذلك اى ذكر النعم الى الشكر المؤدى الى النجاة من الكروب والفوز بالمطلوب ولما لم يبق للقوم جواب الا التمسك بالتقليد.