الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ }

{ ادعوا ربكم } بمعنى المربى من التربية وهى تبليغ الشئ الى كماله شيأ فشيأ وهو تعالى مربى الظواهر بالنعمة وهى النفوس ومربى البواطن بالرحمة وهى القلوب ومربى نفوس العابدين باحكام الشريعة ومربى قلوب المشتاقين بآداب الطريقة ومربى اسرار المحبين بانوار الحقيقة وهو اى الرب اسم الله الاعظم ولذلك كل اسم قلبته بطل معناه الا الرب فان مقلوبه البر وهو من اسمائه تعالى واليه يشير ما روى عن الخضر عليه السلام انه قال الاسم الاعظم ما دعا به كل نبى وولى وعدو اشار الى انه مقدمة دعوات الانبياء نحوربنا ظلمنا أنفسنا } الأعراف 23. الآية ونحوه والصحابة نحوربنا ما خلقت هذا باطلا } آل عمران 191. الآيات والاعداء نحورب فأنظرنى } الحجر 36ربنا ابصرنا وسمعنا فارجعنا } السجدة 12. { تضرعا وخفية } التضرع زارى كردن كذا فى تاج المصادر يقال ضرع الرجل يضرع ضراعة من باب فتح اى خضع وذل هما حالان من فاعل ادعوا اى متضرعين متذللين مخفين الدعاء ليكون اقرب الى الاجابة لكون الاخفاء دليل الاخلاص والاحتراز عن الرياء " ـ روى ـ عن الصحابة رضى الله عنهم انهم كانوا فى غزوة فاشرفوا على واد فجعلوا يكبرون ويهللون رافعى اصواتهم فقال عليه السلام لهم " اربعوا على انفسكم فانكم لا تدعون اصم ولا غائبا انكم تدعون سميعا بصيرا قريبا وانه لمعكم ". اى بالعلم والاحاطة وفى الحديث استحباب الاخفاء فى ذكر الله لكن ذكر شارح الكشاف ان هذا بحسب المقام والشيخ المرشد قد يأمر المبتدى برفع الصوت لينقلع عن قلبه الخواطر الراسخة فيه كذا فى شرح المشارق لابن الملك. قال حسين الكاشفى فى الرسالة العلية اى درويش قومى كه كمين كاه نفس را ديدندودا نستند ذكر بجهر كفتن مناسب نديدند كه بريا انجامد ومخفى بذكر مشغول شدند وقول حق تعالى راكهواذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة } الأعراف 205. كاربستند وجمعى كه بمرتبة اخلاص رسيدند وباطن خودرا از ريا باك يافتند ذكر را بجهر كفتند وهريكى ار ازين وطائفه بر عمل خود دلائل است وفى المثنوى
كفت ادعوا الله بى زارى مباش تابيايد فيضهاى دوست فاش 1 تا سقاهم ربهم آيد خطاب تشنه باش الله اعلم بالصواب 2   
وعن عمر رضى عنه قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا رفع يديه فى الدعاء لا يردهما حتى يمسح بهما وجهه " وذلك ليصل شئ من البركة الفائضة على اليد الى الوجه كما قال تعالىسيماهم فى وجوههم من اثر السجود } الفتح 29. وذلك المسح فى الحقيقة رجوع الى الحقيقة الجامعة فان الوجه هو الذات كما قال فى الاسرار المحمدية ان الانسان حال دعائه متوجه الى الله تعالى بظاهره وباطنه ولذا يشترط حضور القلب فيه وصحة الاستحضار فسر الرفع والمسح ان اليد الواحدة مترجمة عن توجهه بظاهره واليد الاخرى عن توجهه بباطنه واللسان مترجم عن جملته ومسح الوجه هو التبرك والتنبيه على الرجوع الى الحقيقة الجامعة بين الروح والبدن لان وجه الشئ حقيقته والوجه الظاهر مظهرها وقال ايضا السنة للداعى فى طلب الحاجة له ان ينشرهما يعنى كفيه الى السماء وللمكروب ان ينصب ذراعيه حتى يقابل بكفيه وجهه واذا دعا على احد ان يقلب كفيه ويجعل ظهرهما الى السماء والسنة ان يخرج يديه حين الدعاء من كميه.

السابقالتالي
2