الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰبَنِيۤ ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ ذٰلِكَ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ }

{ يا بنى آدم } خطاب للناس كافة ـ روى ـ ان العرب كانوا يطوفون بالبيت عراة ويقولون لا نطوف فى ثياب عصينا الله فيها فنزلت الى آخر الآيات الثلاث { قد انزلنا عليكم لباسا } اى خلقناه لكم بانزال سببه من السماء وهو ماء المطر فما تنبته الارض من القطن والكتان من ماء السماء وما يكون من الكسوة من اصواف الانعام فقوام الانعام ايضا من ماء السماء. واعلم ان السماء فاعلة والارض قابلة والحوادث الارضية منسوبة الى السماء فكل ما فى الارض انما هو بتدبيرات سماوية { يوارى سوآتكم } اى يستر عوراتكم فكشف العورة مع وجود ما يسترها من اللباس فى غاية القباحة ولا شك ان الشيطان اغوى من فعل ذلك كما اغوى آدم وحواء فبدت لهما سوآتهما ونستعيذ بالله من شره { وريشا } هو من قبيل ما حذف فيه الموصوف واقيمت صفته مقامه كأنه قيل ولباسا ريشا اى ذا ريش وزينة تتجملون به عبر عن الزينة بالريش تشبيها لها بريش الطائر لان الريش زينة الطائر كما ان اللباس زينة لبنى آدم كأنه قيل انزلنا عليكم لباسين لباسا يوارى سوآتكم ولباسا يزينكم فان الزينة غرض صحيح قال تعالىلتركبوها وزينة } النحل 8. قال الحسين الكاشفى در تفسير امام زاهد فرموده كه لباس آنست كه از ينبه باشد وريش ازابرشيم وكتان وبشم { ولباس التقوى } اى خشية الله تعالى مبتدأ خبره قوله { ذلك خير } شبهت التقوى بالملبوس من حيث انها تستر صاحبها وتحفظه مما يضره كما يحفظه الملبوس. قال قتادة والسدى هو العمل الصالح لانه يقى من العذاب كأنه قال لباس التقوى خير من الثياب لان الفاجر وان كان حسن الثياب فهو بادى العورة. قال الشاعر
انى كأنى ارى من لا حياء له ولا امانة وسط القوم عريانا   
قال الحافظ
فلندران حقيقت بنيم جو نخرند قباى اطلس آنكس كه ازهنر عاريست   
وفى التفسير الفارسى { ولباس التقوى } وبوشش تقوى يعنى لباس كه براى تواضع بوشند جون بشيمينها وجامها درشت { ذلك خير } آن بهتراست كه ازلباسهاى نرم وفى الحديث " من رق ثوبه رق دينه ". وقيل اول من لبس الصوف آدم وحواء حين خرجا من الجنة. وكان عيسى عليه السلام يلبس الشعر ويأكل من الشجر ويبيت حيث امسى فلبس الصوف والشعر علامة التواضع وفيه تشبيه بالمساكين والعاقل من اختار ما اختاره الصلحاء قال الصائب
جمعى كه بشت كرم بعشق نيند ناز سمور ومنت سنجاب ميكشند   
واعلم ان اكل جزء من اجزاء الانسان لباسا يوارى سوآة ذلك الجزء من ظاهره وباطنه فلباس الشريعة يوارى سوآة الافعال القبيحة باحكام الشريعة فى الظاهر. وسوآة الصفات الذميمة النفسانية والحيوانية بآداب الطريقة فى الباطن والتقوى هو لباس القلب والروح والسر والخفى.

السابقالتالي
2