الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } * { وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي ٱلْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ }

{ ان الذين اتقوا } اى اتصفوا بوقاية انفسهم عما يضرها { اذا مسهم طائف من الشيطان } ادنى لمة منه وهى الوسوسة والمس. والطائف اسم فاعل من طاف يطوف اذا دار حول الشئ كأنها تطوف بهم وتدور حولهم لتوقع بهم او من طاف به الخيال بطيف طيفا اى الم فالطائف بمعنى الجائى والنازل. وفى الصحاح طيف الخيال مجيئه فى النوم وطيف من الشيطان وطائف منه لمم منه والخيال فى الاصل اسم بمعنى التخيل وارتسام الصورة فى محل القوة المتخيلة ويطلق على نفس تلك الصورة وطيفه نزوله فى محل المتخيلة { تذكروا } اى ما امر به ونهى عنه. وقال المولى ابو السعود اى الاستعاذة به تعالى والتوكل عليه { فاذا هم } بسبب ذلك التذكر { مبصرون } مواقع الخطأ ومكائد الشيطان فيتحرزون عنها ولا يتبعونه فيها { واخوانهم } اى اخوان الشياطين وهم المنهمكون فى الغى المعرضون عن وقاية انفسهم عن الضمار فضمير اخوانهم للشيطان والجمع لكون المراد به الجنس { يمدونهم فى الغى } اى يكون الشياطين مددا لهم فيه ويعضدونهم بالتزيين والحمل عليه والغى والضلال { ثم لا يقصرون } اى لا يمسكون عن الاغواء حتى يردونهم بالكلية يقال اقصر عن الشئ اذا كف عنه وانتهى. فعلى العاقل مباعدة أهل الطغيان ومجانبة وسوسة الشيطان - حكى - ان بعض الاولياء سأل الله تعالى ان يريه كيف يأتى الشيطان ويوسوس فاراه الحق تعالى هيكل الانسان فى صورة بلور وبين كتفيه خال اسود كالعش والوكر فجاء الخناس يتحسس من جميع جوانبه وهو فى صورة خنزير له خرطوم كخرطوم الفيل فجاء من بين الكتفين فادخل خرطومه قبل قلبه فوسوس اليه فذكر الله تعالى فخنس ورآه ولذلك سمى بالخناس لانه ينكص على عقبيه مهما حصل نور الذكر فى القلب ولهذا السر الالهى احتجم صلى الله تعالى عليه وسلم بين كتفيه وامر بذلك ووصاه جبريل بذلك لتضعيف مادة الشيطان وتضييق مرصده لنه يجرى وسوسته مجرى الدم ولذلك كان خاتم النبوة بين كتفيه عليه السلام اشارة الى عصمته عليه السلام من وسوسته لقوله عليه السلام " اعاننى الله عليه فاسلم ". اى بالختم الالهى ايده به وخصه وشرفه وفضله بالعصمة الكلية فاسلم قرينه وما اسلم قرين آدم فوسوس اليه لذلك. واعلم ان اصل الخواطر اثنان ما يكون بالقا الملك وما يكون بالقاء الشيطان والفرق ام كل ما يكون سببا للخير بحيث يكون مأمون الغائلة اى الآفة فى العاقبة ولا يكون سريع الانتقال الى غيره ويحصل بعده توجه تام الى الحق ولذة عظيمة مرغبة فى العبادة فهو ملكى وبالعكس شيطانى. قال بعضهم قد يلبس الشيطان ويرى الباطل فى صورة الحق فاجمع المشايخ على ان من كان قوته من الحرام لا يفرق بين الخواطر الملكية والشيطانية بل منهم من قال من كان قوته غير معلوم لا يفرق بينهما وفى المثنوى

السابقالتالي
2