الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ } * { وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

{ خذ العفو } " - روى - انه صلى الله عليه وسلم سأل جبريل ما الاخذ بالعفو فقال لا ادرى حتى اسأل ثم رجع فقال يا محمد ان ربك امرك ان تعطى من حرمك وتصل من قطعك وتعفو عمن ظلمك وان تحسن الى من اساء اليك "
هركه زهرت دهد بدوده قند وآنكه ازتو برد بدوبيوند   
والعفو من اخلاقه تعالى. قال سعيد بن هشام دخلت على عائشة فسألتها عن اخلاق النبى عليه السلام قالت اما تقرأ القرآن قلت بلى قالت كان خلق رسول الله القرآن وانما ادبه بالقرآن بمثل قوله تعالى { خذ العفو وائمر بالمعروف واعرض عن الجاهلين } وبقولهواصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور } لقمان 17 وبقولهفاعف عنهم واصفح } المائدة 13. وغير ذلك من الآيات الدالة على مكارم اخلاقه { وامر بالعرف } بالجميل المستحسن من الافعال لانها قريبة من قبول الناس من غير نكير. قال فى التيسير قالوا فى العرف تقوى الله صلة الارحام وصون اللسان عن الكذب ونحوه وغض البصر عن المحارم وكف الجوارح عن المآثم { واعرض عن الجاهلين } ولا تكافئ السفهاء بمثل سفههم ولا تمارهم واحلم عنهم واغضض عما يسوءك منهم وذلك لانه ربما اقدم بعض الجاهلين عند الترغيب والترهيب على السفاهة والاذى والضحك والاستهزاء فلهذا السبب امر الله تعالى حبيبه فى آخر الآية بتحمل الاذى والحلم عمن جفا فظهر بهذا ان الآية مشتملة على مكارم الاخلاق فيما يتعلق بمعاملة الناس معه ولم يكن صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا فى الاسواق ولا يجزى السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح كذا فى الكواشى - روى - انه لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كيف يا رب والغضب ". فنزل قوله تعالى { واما } كلمتان ان التى هى للشرط وما التى هى صلة زائدة { ينزغنك } النزغ والنخس الغرز يقال نزعه طعن فيه ونزغ بينهم افسد واغرى ووسوس ونخس الدابة غرز مؤخرها او جنبها بعود ونحوه { من الشيطان نزغ } اى نازغ كرجل عدل بمعنى عادل وشبهت وسوسته للناس واغراؤهم على المعاصى بغرز السائق لما يسوقه والمعنى واما يحملنك من جهته وسوسة ما على خلاف ما امرت به من اعتراء غضب او نحوه { فاستعذ بالله } فالتجئ اليه تعالى من شره واعتصم { انه } تعالى { سميع } يسمع استعاذتك به قولا { عليم } يعلم تضرعك اليه قلبا فى ضمن القول او بدونه فيعصمك من شره. قال فى البحر وختم بهاتين الصفتين لان الاستعاذة التى تكون باللسان لا تجدى الا باستحضار معناها. فالمعنى سميع للاقوال عليم بما فى الضمائر واختلفوا هل المراد الشيطان او القرين فقط والظاهر انه فى حقنا القرين قال الله تعالى

السابقالتالي
2 3