الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوۤءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

{ قل لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا } اى جلب نفع ولا دفع ضر فمن لا يعلم ان نفعه فى أى الاشياء ومضرته فى أيها كيف يعلم وقت قيام الساعة واللام متعلق باملك. قال سعدى جلبى المفتى والظاهر انه متعلق بنفعا ولا ضرا { الا ما شاء الله } ان املكه من ذلك بان يلهمنيه فيمكننى منه ويقدرنى عليه فالاستثناء متصل او لكن ما شاء الله من ذلك كائن فالاستثناء منقطع وهذا ابلغ فى اظهار العجز عن علمها { وان كنت عالم الغيب } اى جنس الغيب { لاستكثرت من الخير } اى لجعلت المال والمنافع كثيرا على ان يكون بناء استفعل للتعدية كما فى نحو استذله { وما مسنى السوء } من كيد العدو والفقر والضر وغيرها { ان انا الا نذير وبشير } اى ما انا الا عبد مرسل للانذار والبشارة شأنى ما يتعلق بهما من العلوم الدينية والدنيوية لا الوقوف على الغيوب التى لا علاقة بينها وبين الاحكام والشرائع وقد كشفت عن امر الساعة ما يتعلق به الانذار من مجيئها لا محالة واقترابها واما تعيين وقتها فليس مما يستدعيه الانذار بل هو مما يقدح فيه لما مر من ان ابهامه ادعى الى الانزجار عن المعاصى { لقوم يؤمنون } اما متعلق بهما جميعا لانهم ينتفعون بالانذار كما ينتفعون بالبشارة واما البشير فقط وما يتعلق بالنذير محذوف او نذير للكافرين اى الباقين على الكفر وبشير لقوم يؤمنون اى فى اى وقت كان ففيه ترغيب للكفرة فى احداث الايمان وتحذير عن الاصرار على الكفر والطغيان. قال الحدادى فى تفسيره فى الآية دلالة على بطلان قول من يدعى العلم بمدة الدنيا ويستدل بما روى ان الدنيا سبعة آلاف سنة لانه لو كان كذلك كان وقت قيام الساعة معلوما واما قوله صلى الله عليه وسلم " " بعثت انا والساعة كهاتين " واشار الى السبابة والوسطى " فمعناه تقريب الوقت لا تحديده كما قال تعالىفقد جاء اشراطها } محمد 18. اى مبعث النبى عليه السلام من اشراطها انتهى. يقول الفقير رواية عمر الدنيا وردت من طرق شتى صحاح لكنها لا تدل على التحديد حقيقة فلا يلزم ان يكون وقت قيام الساعة معلوما لاحد ايا من كان من ملك او بشر. وقد ذهب بعض المشايخ الى ان النبى صلى الله عليه وسلم كان يعرف وقت الساعة باعلام الله تعالى وهو لا ينافى الحصر فى الآية كما لا يخفى. وفى صحيح مسلم عن حذيفة قال اخبرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائن الى ان تقوم الساعة وفى الحديث " ان لله ديكا جناحاه موشيان بالزبرجد واللؤلؤ والياقوت جناح له بالمشرق وجناح له بالمغرب وقوائمه فى الارض السفلى ورأسه مثنى تحت العرش فاذا كان السحر الاعلى خفق بجناحيه ثم قال سبوح قدوس ربنا الله لا اله غيره فعند ذلك تضرب الديكة اجنحتها وتصيح فاذا كان يوم القيامة قال الله تعالى ضم جناحك وغض صوتك فيعلم اهل السموات والارض ان الساعة قد اقتربت ".

السابقالتالي
2