الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ }

{ واذ أخذ ربك } اى واذكر يا محمد لبنى اسرائيل وقت اخذ ربك { من بنى آدم } اى آدم واولاده كأنه صار اسما للنوع كالانسان والبشر والمراد بهم الذين ولد لهم كائنا من كان نسلا بعد نسل سوى من لم يولد له بسبب من الاسباب كالعقم وعدم التزوج والموت صغيرا { من ظهورهم } بدل من بنى آدم بدل البعض اى من اصلابهم وفيه تنبيه على ان الميثاق قد اخذ منهم وهم فى اصلاب الآباء ولم يستودعوا فى ارحام الامهات { ذريتهم } مفعول اخذ اى نسلهم قرنا بعد قرن يعنى اخرج بعضهم من بعض كما يتوالدون فى الدنيا بحسب الاصلاب والارحام والادوار والاطوار الى آخر ولد يولد { واشهدهم على انفسهم } اى اشهد كل واحد من اولئك الذريات المخصوصين المأخوذين من ظهور آبائهم على نفسه لا على غيره تقريرا لهم بربوبيته التامة وما تستتبعه من العبودية على الاختصاص وغير ذلك من احكامها { ألست بربكم } على ارادة القول اى قائلا ألست بربكم ومالك امركم ومربيكم على الاطلاق من غير ان يكون لاحد مدخل فى شأن من شؤونكم { قالوا } استئناف بيانى كأنه قيل فماذا قالوا فقيل قالوا { بلى شهدنا } اى على انفسنا بانك ربنا والهنا لا رب لنا غيرك والفرق بين بلى ونعم ان بلى اثبات لما بعد النفى اى انت ربنا فيكون ايمانا ونعم لتقرير ما سبق من النفى اى لست بربنا فيكون كفرا وهذا تمثيل وتخييل نزل تمكينهم من العلم بربوبيته بنصب الدلائل الآفاقية والانفسية وخلق الاستعداد فيهم منزلة الاشهاد وتمكينهم من معرفتها والاقرار بها منزلة الاعتراف فلم يكن هناك اخذ واشهاد وسؤال وجواب وباب التمثيل باب واسع وارد فى القرآن والحديث وكلام البلغاء قال الله تعالىفقال لها وللأرض إتينا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين } فصلت 11. { ان تقولوا } مفعول له لما قبله من الاخذ والاشهاد اى فعلنا ما فعلنا كراهة ان تقولوا { يوم القيامة } عند ظهور الامر انا كنا عن هذا } اى عن وحدانية الربوبية واحكامها { غافلين } لم ننبه عليه بدليل فانهم حيث جبلوا على الفطرة ومعرفة الحق فى القوة القريبة من الفعل صاروا محجوبين عاجزين عن الاعتذار بذلك ولو لم تكن الآية على طريقة التمثيل بل لو اريد حقيقة الاشهاد والاعتراف وقد انسى الله تعالى بحكمته تلك الحال لم يصح قوله ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين كما فى حواشى سعدى جلى المفتى.