الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَماَّ نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلسُوۤءِ وَأَخَذْنَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } * { فَلَماَّ عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ }

{ فلما نسوا ما ذكروا به } اى تركوا ما ذكرهم به صلحاؤهم ترك الناسى للشيء واعرضوا عنه اعراضا كليا بحيث لم يخطر ببالهم شيء من تلك المواعظ اصلا فيكون من ذكر المسبب وارادة السبب { انجينا الذين ينهون عن السوء } اى خلصنا الذين ينهون عن الاصطياد وهم الفريقان المذكوران. قال ابن عباس رضى الله عنهما نزل والله بالمداهن ما نزل بالمستحل. وقال الحسن نجت فرقتان وهلكت فرقة وانكر القول الذى ذكره عن ابن عباس وقال ما هلك الا فرقة لانه ليس شيء ابلغ فى الامر بالمعروف والوعظ من ذكر الوعيد وقد ذكرت الفرقة الثالثة الوعيد فقالت لم تعظون قوما الله مهلكهم او معذبهم عذابا شديدا وقول الحسن اقرب الى ظاهر الآية كذا فى تفسير الحدادى { واخذنا الذين ظلموا } بالاعتداء ومخالفة الامر { بعذاب بئيس } اى شديد وزنا ومعنى { بما كانوا يفسقون } متعلق باخذنا كالباء الاولى ولا ضير فيه لاختلافهما معنى اى اخذناهم بما ذكر من العذاب بسبب تماديهم فى الفسق الذى هو الخروج عن الطاعة وهو الظلم والعدوان ايضا ولعله تعالى قد عذبهم بعذاب شديد دون الاستئصال فلم يقلعوا عما كانوا عليه بل ازدادوا فى الغى فمسخهم بعد ذلك لقوله تعالى { فلما عتوا عن ما نهوا عنه } اى تمردوا وتكبروا وابوا عن ترك ما نهوا عنه قدر المضاف اذ التكبر والاباء من نفس المنهى عنه لا يذم فهو كقوله تعالىفعتوا عن أمر ربهم } الذاريات 44. اى عن امتثال امر ربهم والعاتى هو شديد الدخول فى الفساد المتمرد الذى لا يقبل الموعظة { قلنا لهم كونوا قردة خاسئين } صاغرين اذلاء بعداء عن الناس. فى القاموس خسأ الكلب كمنع طرده والكلب بعد. والقردة جمع قرد بالفارسى بوزينه والانثى قردة وجمعها قرد مثل قربة وقرب والمراد هو الامر التكوينى لا القولى التكليفى لانهم لا يقدرون على قلب انفسهم قردة وتكليف العاجز غير معقول فليس ثمة قول ولا امر مأمور حقيقة وانما هو تعلق قدرة وارادة بمسخهم نعوذ بالله تعالى - روى - ان اليهود امروا باليوم الذى امرنا به وهو يوم الجمعة فتركوه واختاروا يوم السبت وهو المعنى بقوله تعالىإنما جُعِلَ السبت على الذين اختلفوا فيه } النحل 124. فابتلوا به وحرم عليهم الصيد وامروا بتعظيمه فكانت الحيتان تأتيهم يوم السبت كأنها المخاض والكباش البيض السمان تنتطح لا يرى وجه الماء لكثرتها ولا تأتيهم فى سائر الايام فكانوا على ذلك برهة من الدهر ثم جائهم ابليس فقال لهم انما نهيتم عن اخذها يوم السبت فاتخذوا حياضا سهلة الورود صعبة الصدور ففعلوا فجعلوا يسوقون الحيتان اليها يوم السبت فلا تقدر على الخروج وياخذونها يوم الاحد واخذ رجل منهم حوتا وربط فى ذنبه حيطا الى خشبة فى الساحل ثم شواه يوم الاحد فوجد جاره ريح السمك فتطلع على تنوره فقال له انى ارى الله سيعذبك فلما لم ير عذاب اخذ فى السبت القابل حوتين فلما رأوا ان العذاب لا يعاجلهم استمروا على ذلك فصادوا واكلوا وملحوا وباعوا وكانوا نحوا من سبعين الفا فكان اهل القرية اثلاثا.

السابقالتالي
2 3