الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَسْئَلْهُمْ عَنِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي ٱلسَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ }

{ واسألهم } عطف على واذكر المقدر عند قولهوإذ قيل } الأعراف 161. والضمير البارز عائد الى اليهود المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليس المقصود من السؤال استعلام ما ليس معلوما للسائل لانه عليه السلام كان قد علم هذه القصة من قبل الله تعالى بالوحى بل المقصود منه ان يحملهم الرسول صلى الله عليه وسلم على ان يقروا بقديم كفرهم وتجاوزهم لحدود الله تعالى ومخالفتهم الانبياء على طريق التوارث من اسلافم وتقريعهم بذلك وان يظهر بذلك معجزة دالة على انه نبى حق اوحى اليه ما لا يعلم الا بتعليم او وحى فانه عليه السلام لما كان اميا ولم يخالط اهل الكتب السابقة وبين هذه القصة على وجهها من غير زيادة ولا نقصان تعيين انه علم ذلك بالوحى فكان بيانها على ما وقعت معجزة ظاهرة من جملة معجزاته عليه السلام { عن القرية } اى عن حالها وخبرها وما يجرى على اهلها من الداهية الدهياء وهى ايلة بين مدين والطور والعرب تسمى المدينة قرية { التى كانت حاضرة البحر } اى قريبة منه مشرفة على شاطئه { اذ يعدون فى السبت } اى يتجاوزون حدود الله تعالى بالصيد يوم السبت وهم منهيون عن الاشتغال فيه بغير العبادة واذ ظرف للمضاف المحذوف { اذ تأتيهم حيتانهم } ظرف ليعدون. والحيتان جمع حوت قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها كنون ونينان لفظا ومعنى. وكان على بن ابى طالب يقول سبحان من يعلم اختلاف النينان فى البحار الغامرات واضافتها اليهم لان المراد بالحيتان الكائنة فى تلك الناحية { يوم سبتهم } ظرف لتأتيهم اى تأتيهم يوم تعظيمهم لامر السبت فالسبت هنا مصدر سبتت اليهود اذا عظمت السبت بالتجرد للعبادة. وفى التفسير الفارسى روز شنبه ايشان فهو اسم لليوم { شرعا } جمع شارع من شرع عليه اذا دنا واشرف وهو حال من حيتانهم اى تأتيهم يوم سبتهم ظاهرة على وجه الماء قريبة من الساحل { ويوم لا يسبتون } اى لا يراعون امر السبت لكن بمجرد عدم المراعاة مع تحققق يوم السبت كما هو المتبادر بل مع انتفائهما معا اى لا سبت ولا مراعاة { لا تأتيهم } كما كانت تأتيهم يوم السبت حذارا من صيدهم فان الله تعالى قوى دواعيها الى الشروع فى يوم السبت معجزة لنبى ذلك الوقت وابتلاء لتلك التى فصلت بين يوم السبت وغيره من الايام { كذلك نبولهم } الكاف فى موضع النصب بقوله نبلوهم اى مثل ذلك البلاء العجيب الفظيع نعاملهم معاملة من يختبرهم ليظهر عدوانهم ونؤاخذهم به { بما كانوا يفسقون } اى بسبب فسقهم المستمر فى كل ما يأتون وما يذرون.