الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِيِّ ٱلأُمِّيِّ ٱلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }

{ قل } يا محمد { يا ايها الناس انى رسول الله اليكم جميعا } الخطاب عام وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مبعوثا الى الكافة من الثقلين الى من وجد فى عصره والى من سيوحد بعده الى يوم القيامة بخلاف سائر الرسل فانهم بعثوا الى اقوامهم اهل عصرهم ولم تستمر شرائعهم الى يوم القيامة واليكم متعلق بقوله رسول وجميعا حال من ضمير اليكم. قال الحدادى انى رسول الله اليكم كافة ادعوكم الى طاعة الله وتوحيده واتباعه فيما اؤديه اليكم. وفى آكام المرجان لم يخالف احد من طوائف المسلمين فى ان الله تعالى ارسل محمدا صلى الله عليه وسلم الى الجن والانس والعرب والعجم فان قلت فى بعثة سليمان عليه السلام مشاركة له لانه ايضا كان مبعوثا الى الانس والجن وحاكما عليهما بل جميع الحيوانات قلت ان سليمان لم يبعث الى الجن بالرسالة بل بالملك والضبط والسياسة والسلطنة لانه عليه السلام استخدمهم وقضى بينهم بالحق وما دعاهم الى دينه لان الشياطين والعفاريت كانوا يقومون فى خدمته وينقادون له مع انهم على كفرهم وطغيانهم كذا حققه والهى الاسكوبى. قال ابن عقيل الجن داخلون فى مسمى الناس لغة وهو من ناس ينوس اذا تحرك. قال الجوهرى وصاحب القاموس الناس يكون من الانس ومن الجن جمع انس اصله اناس جمع عزيز ادخل عليه الـ { الذى } منصوب او مرفوع على المدح اى اعنى الله الذى او هو الذى { له ملك السموات والارض } مراوراست بادشاهى آسمانها وزمينها وتدبير وتصرف دران { لا اله الا هو } هيج معبودى نيست مستحق عبادت جزاو وهو بدل من الصلة التى قبله وفيه بيان لها لان من ملك العالم كان هو الاله المتفرد بالالوهية واسم هو ضمير غيبة وهو من اخص اسمائه تعالى اذا الغيبة الحقيقية انما هى له اذ لا تتصوره العقول ولا تحده الاوهام وهو اسم لحضرة الغيب الثانية التى هى اول تعينات الذات الذى هو برزخ جامع بين حكمى الاسم الباطن والظاهر وحيث تخفى فيه الواو فهو اسم لحضرة غيب الغيب وهى الحضرة الاولى من حضرات الذات وهو فاتحة الاسماء وام كتابها تنزل منزلة الالف من الحروف كذا فى ترويح القلوب لعبد الرحمن البسطامى قدس سره. واعلم ان المقربين لا يرون موجودا سوى الله تعالى فاذا قالوا هو اشاروا له الى الحق سبحانه سواء تقدم له مرجع اولا وتحقيقه فى حواشى ابن الشيخ فى سورة الاخلاص { يحيى ويميت } زيادة تقرير للالوهية لأنه لا يقدر على الاحياء والاماتة الا الذى لا اله الا هو. قال الحدادى يحيى الخلق من النطفة ويميتهم عند انقضاء آجالهم لا يقدر على ذلك احد سواه وقيل معناه يحيى الاموات للبعث ويميت الاحياء فى الدنيا { فآمنوا بالله ورسوله } الفاء لتفريع الامر على ما تمهد وتقرر من رسالته عليه الصلاة والسلام { النبى الامى } مدح له عليه السلام ومعنى الامى لا يقرأ ولا يكتب فيؤمن من جهته ان يقرأ الكتب وينقل اليهم اخبار الماضين ولكن يتبع لما يوحى اليه { الذى يؤمن بالله وكلماته } اى ما انزل عليه من اخبار سائر الرسل ومن كتبه ووحيه وانما وصف به لحمل اهل الكتابين على الامتثال بما امروا به والتصريح بايمانه بالله تعالى للتنبيه على ان الايمان به تعالى لا ينفك عن الايمان بكلماته ولا يتحقق الا به { واتبعوه } اى فى كل ما يأتى وما يذر من امور الدين { لعلكم تهتدون } علة للفعلين او حال من فاعليهما اى رجاء لاهتدائكم الى المطلوب اوراجين وفى تعليقه بهما ايذان بان من صدقه ولم يتبعه بالتزام احكام شريعته فهو بمعزل من الاهتداء مستمر على الغى والضلالة.

السابقالتالي
2 3 4