الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً ٱتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ }

{ واتخذ قوم موسى من بعده } اى من بعد ذهابه الى الطور ومن للابتداء الغاية { من } للتبعيض { حليهم } جمع حلى كثدى وثدى وهو ما تزين به من الذهب والفضة واضافة الحلى اليهم مع انها كانت للقبط لادنى الملابسة حيث كانوا استعاروها من اربابها حين هموا بالخروج من مصر { عجلا } مفعول اول لقوله اتخذ لانه متعد الى اثنين بمعنى التصيير والمفعول ثانى محذوف اى صيروه آلها والعجل ولد البقر وابو العجل الثور والجمع العجاجيل والانثى عجلة سمى عجلا لاستعجال بنى اسرائيل عبادته وكانت مدة عبادتهم له اربعين يوما فعوقبوا فى التيه اربعين سنة فجعل الله تعالى كل سنة فى مقابلة يوم { جسدا } بدل من عجلا اى جثة ذادم ولحم او جسدا من ذهب لا روح معه فان الجسد اسم لجسم له لحم ودم ويطلق على جثة لا روح لها { له خوار } اى صوت البقر. وذلك ان موسى كان وعد قومه بالانطلاق الى الجبل ثلاثين يوما فلما تأخر رجوعه قال لهم السامرى رجل من قرية يقال لها سامرة وكان رجلا مطاعا من قوم موسى انكم اخذتم الحلى من آل فرعون فعاقبهم الله بتلك الجناية ومنع موسى عنكم فاجمعوا الحلى حتى احرقها لعل الله يرد علينا موسى او سألوه آلها يعبدونه وقد كان لهم ميل الى عبادة البقر منذ مروا على العمالقة التى كانوا يعبدون تماثيل البقر وذلك بعد عبور النهر وقد مرت قصته فجعل السامر الحلى بعد جمعها فى النار وصاغ لهم من ذلك عجلا لانه كان صاغا والقى فى فمه ترابا من اثر فرس جبريل عليه السلام وكان ذلك الفرس فرس الحياة ما وضع حافره فى موضع الا اخضر وكان قد اتخذ ذلك التراب عند فلق البحر او عند وجهه الى الطور فانقلب ذلك الجسد لحما ودما وظهر فيه خوار وحركة ومشى فقال السامرى هذا آلهكم واله موسى فعبدوه الا اثنى عشر الفا من ستمائة الف وقيل انه جعل ذلك العجل مجوفا وجعل فى جوفه انابيب على شكل مخصوص وكان وضع ذلك التمثال على مهب الريح فكانت الريح تدخل فى تلك الانابيب فظهر منه صوت مخصوص يشبه خوار العجل فاوهم بنى اسرائيل انه حى يخور فزفنوا حوله اى رقصوا. نقل القرطبى عن الطرطوشى انه سئل عن قو يجتعون فى مكان يقرأون شيا من القرآن ثم ينشد لهم منشد شيأ من الشعر برقصون ويطربون ويضربون بالدف والشنانير هل الحضور معهم حلال اولا. قال مذهب الصوفية بطالة وجهالة وضلالة وما الاسلام الا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. واما الرقص والتواجد فاول من احدثه اصحاب السامرى فلما اتخذوه عجلا جسدا له خوار قاموا يرقصون حوله ويتواجدون فهو دين الكفار وعباد العجل وانما كان يجلس النبى عليه السلام مع اصحابه كأنما على رؤسهم الطير من الوقار فينبغى للسلطان ونوابه ان يمنعهم من الحضور فى المساجد وغيرها ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر ان يحضر معهم ولا يعينهم على باطلهم هذا مذهب مالك والشافعى وابى حنيفة واحمد وغيرهم من ائمة المسلمين كذا فى حياة الحيوان.

السابقالتالي
2 3 4