الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ }

{ سأصرف عن آياتى الذين يتكبرون فى الارض } المراد بالآيات ما كتب فى الواح التوراة من المواعظ والاحكام وغيرها من الآيات التكوينية التى من جملتها ما وعد اراءته من دار الفاسقين ومعنى صرفهم عنها الطبع على قلوبهم بحيث لا يكادون يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها لاصرارهم على ما هم عليه من التكبر والتجبر. والمعنى ساطبع على قلوب الذين يعدون انفسهم كبراء ويرون لهم على الخلق مزية وفضلا فلا ينتفعون بآياتى التنزيلية والتكوينية المنصوبة فى الانفس والآفاق ولا يغتنمون بمغانم آثارها فلا تسلكوا يا بنى اسرائيل مسلكهم فتكونوا امثالهم { بغير الحق } صلة للتكبر اى يتكبرون بما ليس بحق وهو دينهم الباطل وظلمهم المفرط. قال ابن الشيخ لما كان التكبر مؤديا الى الحرمان من الانتفاع بالات المذكورة وتضييعها كان المقصود من الآية تحذير بنى اسرائيل عن التكبر المفضى الى ان يصرفهم الله عن التفكر فى الآيات والاهتداء بها حتى يأخذوا احكام التوراة بجد ورغبة انتهى. فالآية متصلة بقصة بنى اسرائيل ويحتمل ان تكون كلاما معترضا خلال قصتهم اخبر به رسول الله انه حرم المتكبرين من امته فهم معانى القرآن والتدبر فيها كما قيل ابى الله تعالى ان يكرم قلوب الظالمين بتمكينهم من فهم حكمة القرآن والاطلاع على عجائبه
حيفست جنين كنج دران ويرانه   
{ وان يروا } يشاهدوا { كل آية } من الآيات كانت معجزة { لا يؤمنوا بها } اى كفروا بكل واحدة منها لعدم اجتلائها اياها كما هى { وان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا } اى لا يتوجهون الى الحق ولا يسلكون سبيله اصلا لاستيلاء الشيطنة عليهم ومطبوعيتهم على الانحراف والزيغ { وان يروا سبيل الغى يتخذوه سبيلا } اى يختارونه لانفسهم مسلكا مستمراً لا يكادون يعدلون عنه لموافقته لاهوائهم الباطلة وافضائه بهم الى شهواتهم { ذلك } اشارة الى ما ذكر من تكبرهم وعدم ايمانهم بشيء من الآيات واعراضهم عن سبيل الرشد واقبالهم التام على سبيل الغى { بانهم } اى حاصل بسبب انهم { كذبوا بآيتنا } الدالة على بطلان ما اتصفوا به من القبائح وعلى حقية اضدادها وهى الآيات المنزلة والمعجزة { وكانوا عنها غافلين } لا يتفكرون فيها والا لما فعلوه من الاباطيل فالمراد بالغفلة عنها عدم التفكر والتدبر فيها عبر عن عدم تدبر الآيات بالغفلة عنها تشبيها للمعرض عن الشيء بمن غفل عنه.