الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ تبارك الذى بيده الملك } البركة النماء والزيادة حسبة او عقلية ونسبتها الى الله تعالى باعتبار تعاليه عما سواه فى ذاته وصفاته وافعاله يعنى ان البركة تتضمن معنى الزيادة وهى تقتضى التعالى عن الغير كما قال ليس كمثله شئ اى فى ذاته لوجوب وجوده وفى صفاته وافعاله لكماله فيهما واما قوله تخلقوا باخلاق الله فباعتبار اللوازم وبقدر الاستعداد لا باعتبار الحقيقة والكنه فان الاتصاف بها بهذا الاعتبار مخصوص بالله تعالى فأين احياء عيسى عليه السلام الاموات من احياء الله تعالى فانه من الله بدعائه فالمعجزة استجابة مثل هذا الدعاء ومظهريته له بقدر استعداده وبهذا التقرير ظهر معنى قول بعض المفسرين تزايد فى ذاته فان التزايد فى ذاته لا يكون الا باعتبار تعاليه بوجوده الواجب وتنزهه عن الفناء والتغير والاستقلال وصيغة تبارك بالدلالة على غاية الكمال وانبائها عن نهاية التعظيم لم يجز استعمالها فى حق غيره سبحانه ولا استعمال غيرها من الصيغ مثل يتبارك فى حقه تبارك وتعالى واسنادها الى الموصول للاستشهاد بما فى حيز الصلة على تحقق مضمونها والموصولات معارف ولا شك ان المؤمنين يعرفونه بكون الملك بيده واما غيرهم فهم فى حكم العارفين لان الأدلة القطعية لما دلت على ذلك كان فى قوة المعلوم عند العاقل واليد مجاز عن القدرة التامة والاستيلاء الكامل لما ان اثرها يظهر فى الاكثر من اليد يقال فلان بيده الامر والنهى والحل والعقد أى له القدرة الغالبة والتصرف العام والحكم النافذ قال الحكيم السنائى يد اوقدر تست ووجه بقاش
آمدن حكمش ونزول عطاش اصبعينش نفاذ حكم قدر قد مينش جلال وقهر وخطر   
وفى عين المعانى اليد صلة والقدرة والمذهب انها صفة له تعالى بلا تأويل ولا تكييف والملك بمعنى التصرف والسلطنة واللام للاستغراق ولذا قال فى كشف الاسرار ملك هجده خزار عالم بدست اوست. والمعنى تعالى وتعاظم بالذات عن كل ما سواه ذاتا وصفة وفعلا الذى بقبصة قدرته التصرف الكلى فى كل الامور لا بقبضة غيره فيأمر وينهى ويعطى ويمنع ويحيى ويميت ويعز ويذل ويفقر ويغنى ويمرض ويشفى ويقرب ويبعد ويعمر ويحرب ويفرق ويصل ويكشف ويحجب الى غير ذلك من شؤون العظمة وآثار القدرة الالهية والسلطنة الازلية والابدية وقال بعضهم البركة كثرة الخير ودوامه فنسبتها الى الله تعالى باعتبار كثرة ما يفيض منه على مخلوقاته من فنون الخيرات اى تكاثر خير الذى بيده الملك وتزايد نعمه واحسانه كما قال تعالىوان تعدوا نعمة الله لا تحصوها } قال الراغب البركة ثبوت الخير الالهى فى الشئ والمبارك ما فيه ذلك الخير ولما كان الخير الالهى يصد ر من حيث لا يحس وعلى وجه لا يحصى ولا يحصر قيل لكل ما يشاهد منه زيادة غير محسوسة هو مبارك وفيه بركة والى هذه الزيادة أشير بما روى

السابقالتالي
2