الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }

{ يا ايها الذين آمنوا قوا انفسكم } امر من الوقاية بمعنى الحفظ والحماية والصيانة اصله او قيوا كاضربوا والمراد بالنفس هنا ذات الانسان لا النفس الامارة والمعنى احفظوا وبعدوا أنفسكم وبالفارسية نكاه داريد نفسهاى خودرا ودور كنيد. يعنى بترك المعاصى وفعل الطاعت { وأهليكم } بالنصح والتأديب والتعليم اصله أهلين جمع اهل حذفت النون بالاضافة وقد يجمع على اهالى على غير قياس وهو كل من فى عيال الرجل والنفقته من المرأة والولد والأخ والاخت والعم وابنه والخادم ويفسر بالاصحاب ايضا ودلت الآية على وجوب الأمر بالمعروف للأقرب فالأقرب وفى الحديث " رحم الله رجلا قال يا أهلاه صلاتكم صيامكم زكاتكم مسكينكم يتيمكم جيرانكم لعل الله يجمعكم معهم فى الجنة " وفى الحديث " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " وهو من الرعاية بمعنى الحفظ يعنى كلكم ملتزم بحفظ ما يطالب به من العدل ان كان وليا ومن عدم الخيانة ان كان موليا عليه وكلكم مسئول عما التزم حفظه يوم القيامة فالامام على الناس راع والرجل راع على أهل بيته والمرأة راعية على بيت زوجها وولد وعبد الرجل راع على مال سيده والكل مسئول وقيل أشد الناس عذابا يوم القيامة من جهل اهله وخص الأهلين بالنصيحة مع ان حكم الاجانب كحكمهم فى ذلك لان الاقارب اولى بالنصيحة لقربهم كما قال تعالىقاتلوا الذين يلونكم من الكفار } وقال تعالىوانذر عشيرتك الاقربين } ولان شرآئط الامر والنهى قد لا توجد فى حق الاجانب بخلاف الاقارب لا سيما الاهل فان الرجل سلطان اهله وقال بعض اهل الاشارة فى الآية طهروا أنفسكم عن دنس محبة الدنيا حتى تكون اهاليكم صالحين بمتابعتكم فاذا رغبتم فى الدنيا فهم يشتغلون بها فان زلة الامام زلة المأمومين وقال القاشانى رحمه الله الأهل بالحقيقة هو الذى بينه وبين الرجل تعلق روحانى واتصال عشقى سوآء اتصل به اتصالا جسمانيا ام لا وكل ما تعلق به تعلقا عشقيا فبالضرورة يكون معه فى الدنيا والآخرة فوجب عليه وقايته وحفظه من النارى كوقاية نفسه فان زكى نفسه عن الهيئات الظلمانية وفيه ميل ومحبة لبعض النفوس المنغمسة فيها لم يزكها بالحقيقة لانه بتلك المحبة ينجذب اليها فيكون معها فى الهاوية محجوبا بها سوآء كانت قواه الطبيعية الداخلة فى تركيبه ام نفوسا انسانية منتكسة فى عالم الطبيعة خارجة عن ذاته ولهذا يجب على الصادق محبة الاصفياء والاولياء ليحشر معهم فان المرء يحشر مع من احب { نارا } نوعا من النار { وقودها } ما يوقد به تلك النار يعنى حطبها وبالفارسية آتش انكيزوى. فالوقود بالفتح اسم لما توقد به النار من الحطب وغيره والوقود بالضم مصدر بمعنى الانقاد وقرئ به بتقدير اسباب وقودها او بالحمل على المبالغة { الناس } كفار الانس والجن وانما لم يذكر الجن ايضا لان المقصود فى الآية تحذير الانس ولان كفار الجن تابعة لكفار الانس لان التكذيب انما صدر اولا من الانس { والحجارة } اى تتقد بها ايضا اتقاد غيرها بالحطب ففيه بيان لغاية احراقها وشدة قوتها فان اتقاد النار بالحجارة مكان الحطب من الشجرة يكون من زيادة حرها ولذلك قال عليه السلام

السابقالتالي
2 3