الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ ٱلنَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّٰتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ ٱنْظُرُوۤاْ إِلِىٰ ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذٰلِكُمْ لأَيَٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

{ وهو } اى الله تعالى { الذى انزل من السماء ماء } خاصاً هو المطر ثم التفت من الغيبة الى التكلم فقال { فاخرجنا } بعظمتنا فالنون للعظة لا الجمع فان الملك العظيم يعبر عن نفسه بلفظ الجمع تعظيما له { به } اى بسبب ذلك الماء مع وحدته { نبات كل شئ } ينب كنبات الحنطة والشعير والرمان والتفاح وغيرها فشئ مخصص فلا يلزم ان يكون لكل شئ بنات كالحجر مثلا والنبت والنبات ما يخرج من الارض من الناميات سواء كان له ساق كالشجر او لم يكن كالنجم. فان قيل كيف جعل الله المطر سبباً للنبات والفاعل بالسبب يكون مستعينا بفعل السبب والله تعالى مستغن عن الاسباب. قيل لان المطر سبب يؤدى الى النبات وليس بمولود له والله تعالى قادر على انبات النبات بدون المطر وانما يكون الفاعل بالسبب مستعينا بذلك السبب اذا لم يمكنه فعل ذلك الشئ الا بذلك السبب كما ان الانسان اذا لم يمكنه ان يصعد السطح الا بالسلم فان السلم آلة للصعود والظاهر انه اذا صعد السطح بالسلم لم يكن السلم آلة له لانه يمكنه ان يصعد السطح بدون السلم { فاخرجنا منه } شروع فى تفصيل ما اجمل من الاخراج وقد بدأ بتفصيل حال النجم اى فاخرجنا من النبات الذى لا ساق له شيأ غضا { خضرا } بمعنى اخضر وهو اى الشئ الاخضر الخارج من النبات ما تشعب من اصل النبات الخارج من الحبة { تخرج منه } صفة لخضرا اى نخرج من ذلك الخضر المتشعب { حبا متراكبا } هو السنبل المنتظم للحبوب المتراكبة بعضها فوق بعض على هيئة مخصوصة { ومن النخل } شروع فى تفصيل حال الشجر اثر بيان حال النجم وهو خبر مقدم { من طلعها } بدل منه باعادة العالم وهو شئ يخجر من النخل كأنه نعلان مطبقان والحمل بينهما منضود { قنوان } مبتدأ اى وحاصلة من طلع النخل قنوان جمع قنو وهو للثمر بمنزلة العنقود للعنب { دانية } سهلة المجتنى قريبه من القاطف فانها وان كانت صغيرة ينالها القاعد تأتى بالثمر لا تنتظر الطلو او ملتفة متقاربة وفيه اختصار معناه من النخل ما قنوانها دانية ومنها ما هى بعيدة فاكتفى بذكر القريبة عن البعيدة لأن النعمة فى القريبة اكمل واكبر وفى الحديث " اكرموا عماتكم النخل فانها خلقت من فضلة طينة آدم وليس من الشجر شجرة اكرم على الله من شجرة ولدت تحتها مريم بنت عمران فاطعموا نساءكم الولد الرطب فان لم يكن رطب فتمر " انتهى. فظهر ان السبب فى اطعام النفساء رطبا ان مريم رضى الله عنها كان اول ما اكلت حين وضع عيسى عليه السلام هو الرطب كما قال تعالى فى سورة مريم

السابقالتالي
2 3