الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَٰكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ }

{ ولقد جئتمونا } للحساب والجزاء وهو بمعنى المستقبل اى تجيئوننا وانما ابرز فى صورة الماضى لتحققه كقوله تعالىأتى أمر الله } النحل 1. والخطاب لكفار قريش لانها نزلت حين قالوا افتخارا واستخفافاً للفقراء نحن اكثر اموالا واولادا فى الدنيا وما نحن بمعذبين فى الآخرة { فرادى } جمع فرد اى منفردين عن الاموال والاولاد وسائر ما آثرتموه من الدنيا { كما خلقناكم اول مرة } بدل من فرادى اى على الهيئة التى ولدتم عليها فى الانفراد او حال من ضمير فرادى اى مشبهين ابتداء خلقكم عراة حفاة غر لا بهما اى ليس بهم شئ مما كان فى الدنيا نحو البرص والعرج كذا فى القاموس وفى الخبر " " انهم يحشرون يوم القيامة عراة حفاة غرلا " قالت عائشة رضى الله عنها واسوءتاه الرجل والمرأة كذلك فقال عليه السلام " لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه لا ينظر الرجال الى النساء ولا النساء الى الرجال شغل بعضهم عن بعض ". { وتركتم ما خولناكم } ما تفضلنا به عليكم فى الدنيا فشغلتم به عن الآخرة. والتخويل تمليك الخول اى الخدم والاتباع واحدهم خائل او الاعطاء على غير جزاء { وراء ظهوركم } ما قدمتم منه شيأ ولم تحملوا نقيرا بخلاف المؤمنين فانهم صرفوا همتهم الى العقائد الصحيحة والاعمال الصالحة فبقيت معهم فى قبورهم وحضرت معهم فى محفل القيامة فهم فى الحقيقة ما حضروا فرادى
جون ازنيجا وارهى انجاروى درشكر خانه ابد شاكر شوى   
{ وما نرى معكم شفعاءكم } الاصنام { الذين زعمتم انهم فيكم شركاء } اى شركاء لله فى ربوبيتكم واستحقاق عبادتكم { لقد تقطع بينكم } اى وقع التقطع بينكم كما يقال جمع بين الشيئين اى اوقع الجمع بينهما. قال الكاشفى منقطع كشت آنجه ميان شمابود ازو صلت ومودت { وضل عنكم } اى بطل وضاع { ما كنتم تزعمون } انها شفعاؤكم فلم يقدروا على دفع شئ من العذاب عنكم اوانها شركاؤكم لله فى ربوبيتكم وهو الانسب لسياق النظم ألا ترى الى قوله تعالى { الذين زعمتم انهم فيكم شركاء }. اعلم ان للانسان اعداء اربعة هى المال والاهل والاولاد والاصدقاء وهى لا تدخل فى القبر مع الميت فيبقى فريدا وحيدا منهم. واصدقاء اربعة هى كلمة الشهادة والصلاة والصوم وذكر الله وهى تدخل فى القبر وتشفع عند الله تعالى فتصحب الميت فلا يبقى وحيدا. فعلى العاقل ان يتفكر فى تجره وتفرده فيسعى فى تحصيل لباس له هو التقوى ومصاحب هو العمل الصالح وفى الحديث " ان عمل الانسان يدفن معه فى قبره فان كان العمل كريماً اكرم صاحبه وان كان لئيماً اسلمه وان كان عملا صالحا آنس صاحبه وبشره ووسع عليه قبره ونوره وحماه من الشدائد والاهوال والعذاب والوبال وان كان عملا سيئا فزع صاحبه وروّعه واظلم عليه قبره وضيقه وعذبه وخلى بينه وبين الشدائد والاهوال والعذاب والوبال ".

السابقالتالي
2