الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَذَرِ الَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَآ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ }

{ وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا } المراد بالموصول الكفار الخائضون فى الآيات ودينهم هو الذى كلفوه وامروا باقامة مواجبه وهو دين الاسلام ومعنى اتخاذه لعبا ولهوا انهم سخروا به واستهزؤا. واللعب عمل يشغل النفس وينفرها عما تنتفع به. واللهو صرفها عن الجد الى الهزل { وغرتهم الحياة الدنيا } واطمأنوا بها حتى زعموا ان لا حياة بعدها ابدا والمعنى اعرض عنهم واترك معاشرتهم وملاطفتهم ولا تبال بتكذيبهم واستهزائهم ولا تشغل قلبك بهم وليس المراد ان يترك انذارهم لانه تعالى قال { وذكر به } اى بالقرآن من يصلح للتذكر { ان تبسل نفس } اى لئلا تسلم الى الهلاك وترهن { بما كسبت } بسبب ما عملت من القبائح. واصل البسل والابسال المنع ولذا صح استعمال الابسال فى معنى الاسلام الى الهلاك لان الاسلام الى الهلاك يستلزم المنع فانه اذا اسلم احد الى الهلاك كان المسلم اليه وهو الهلاك يمنع المسلم وهو الشخص من الخروج عنه والخلاص منه. وفى التفسير الفارسى للكاشفى تا تسليم كرده نشود بهلاك يا رسوا نكرده نفس هر كافرى بسبب انجه كرده است از بديها { ليس لها من دون الله ولى ولا شفيع } استئناف مسوق للاخبار بذلك والاظهر انه حال من نفس كأنه فى قوة نفس كافرة او نفوس كثيرة كما فى قوله تعالىعلمت نفس ما أحضرت } التكوير 14. ومن دون الله حال ومن ولى اى ليس لتلك النفس غيره تعالى من يدفع عنها العذاب { وان تعدل كل عدل } اى تفد تلك النفس كل فداء بان جاءت مكانها بكل ما كان فى الارض جميعا { لا يؤخذ منها } اى لا يقبل فقوله كل عدل نصب على المصدر فالعدل ههنا ليس بمعنى ما يفتدى به كما فى قوله تعالىولا يؤخذ منها عدل } البقرة 48. بل المراد المعنى المصدرى. فان قلت الاخذ يتعلق بالاعيان لا بالمعنى. قلت نعم الا ان الامام قال الاخذ قد يستعمل بمعنى القبول كما فى قوله تعالىويأخذ الصدقات } التوبة 104 اى يقبلها واذا حمل الاخذ فى هذه الآية على القبول جاز اسناده الى المصدر بلا محذور والمقصود من هذه الآية بيان ان وجوه الخلاص منسدة على تلك النفس ومن ايقن بهذا كيف لا ترتعد فرائسه اذا اقدم على المعصية { أولئك } المتخذون دنيهم لعبا ولهوا المغترون بالحياة الدنيا { الذين ابسلوا } اى اسلموا الى العذاب { بما كسبوا } بسبب اعمالهم القبيحة وعقائدهم الزائغة. وفى التفسير الفارسى آن كروه آن كسانندكه سبرده شده اند بملائكة عذاب بسبب آنجه كرده اند ازقبائح افعال. قال ابو السعود اولئك الذين اسلموا الى ما كسبوا من القبائح انتهى وهو جعل معنى الباء كما فى قوله مررت بزيد { لهم شراب } كأنه قيل ماذا لهم حين ابسلوا بما كسبوا فقيل لهم شراب { من حميم } اى من ماء مغلى يتجرجر فى بطونهم وتتقطع به امعاؤهم { وعذاب اليم } بنار تشتعل بابدانهم { بما كانوا يكفرون } اى بسبب كفرهم المستمر فى الدنيا.

السابقالتالي
2 3