الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مُّبِينٍ }

{ وعنده } اى الله تعالى خاصة { مفاتح الغيب } اى خزائن غيوبه. جمع مفتح بفتح الميم وهو المخزن والكنز والاضافة من قبيل لجين الماء وهو المناسب للمقام كما فى حواشى سعدى جلبى المفتى ويجوز ان يكون جمع مفتح بكسر الميم وهو المفتاح اى آلة الفتح فالمعنى ما يتوصل به التخييل ولما كان عنده تلك المفاتح كان المتوصل الى ما فى الخزائن من المغيبات هو لا غير كما فى حواشى ابن الشيخ { لا يعلمها الا هو } تأكيد لمضمون ما قبله. قال فى تفسير الجلالين وهى الخمسة التى فى قوله تعالىإن الله عنده علم الساعة } لقمان 34 الآية. روى البخارى قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم " مفاتح الغيب خمس لا يعلمها الا الله لا يعلم ما فى الارحام الا الله ولا يعلم ما فى غد الا الله ولا يعلم متى يأتى المطر الا الله ولا يدرى بأى ارض تموت النفس الا الله ولا يعلم متى تقوم الساعة الا الله " { ويعلم ما فى البر والبحر } من الموجودات مفصلة على اختلاف اجناسها وانواعها وتكثير افرادها وهو بيان لتعلق علمه تعالى بالمشاهدات اثر بيان تعلقه بالمغيبات تكملة له وتنبيها عن ان الكل بالنسبة الى علمه المحيط سواء فى الجلاء { وما تسقط من } زائدة { ورقة الا يعلمها } يريد ساقطة وثابتة يعنى يعلم عدد ما يسقط من ورق الشجر وما يبقى عليه وهى مبالغة فى احاطة علمه بالجزئيات { ولا حبة } عطف على ورقة وهى بالفارسية دانه { فى ظلمات الأرض } اى كائنة فى بطونها. قال الكاشفى مراد تخميست كه در زمين افتد { ولا رطب } عطف على ورقة ايضا وهو بالفارسية ثر { ولا يابس } بالفارسية خشك اى ما يسقط من شئ من هذه الاشياء الا يعلمه. قال الحدادى الرطب واليابس عبارة عن جميع الاشياء التى تكون فى السموات وفى الارض لانها لا تخلو من احدى هاتين الصفتين انتهى فيختصان بالجسمانيات اذا الرطوبة واليوبسة من اوصاف الجسمانيات { إلا فى كتاب مبين } هو اللوح المحفوظ فهو بدل اشتمال من الاستثناء الاول او هو علمه تعالى فهو بدل منه بدل الكل. وقرئ ولا رطب ولا يابس بالرفع على الابتداء والخبر الا فى كتاب وهو الانسب بالمقام لشمول الرطب واليابس حينئذ لما ليس من شأنه السقوط. قال الحدادى فان قيل ما الفائدة فى كون ذلك فى اللوح مع ان الله تعالى لا يخفى عليه شئ وان كان عالما بذلك قبل ان يخلقه وقبل ان يكتبه لم يكتبها ليحفظها ويدرسها قيل فائدته ان الحوادث اذا حدثت موافقة للمكتوب ازدادت الملائكة بذلك علما ويقينا بعظيم صفات الله تعالى يقول الفقير ان الملائكة ليست من اهل الترقى والتنزل فقصر الفائدة على ذلك مما لا معنى له بل نقول ان اللوح قلب هذا التعين كقلب الانسان قد انتقش فيه ما كان وما سيكون وهو من مراتب التنزلات فقد ضبط الله فيه جميع المقدورات الكونية لفوائد ترجع الى العباد يعرفها العلماء بالله قال الحافظ

السابقالتالي
2