الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ ٱلآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ ٱلْمُجْرِمِينَ }

{ وكذلك نفصل الآيات } الكاف مقحمة لتأكيد ما افاده اسم الاشارة من الفخامة وذلك اشارة الى مصدر الفعل الذى بعده اى هذا التفصيل البديع نفصل الآيات القرآنية ونبينها فى صفة اهل الطاعة واهل الاجرام المصرين منهم والاوابين ليظهر الحق ويعمل به { ولتستبين سبيل المجرمين } اى تظهر طريقتهم فيجتنب عنها. ورفع سبيل على انه فاعل فانه يذكر فى لغة بنى تميم ويؤنث فى لغة اهل الحجاز ووجه الاستبانة والايضاح ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينة. فعلى العاقل ان يسلك طريق الفوز والفلاح ويصل الى ما وصل اليه اهل الصلاح. واول الطريق هو التوبة والاستغفار. قال العلماء تذكر اولا قبح الذنوب وشدة عقوبة الله ثم تذكر ضعفك وقلة حيلتك فى ذلك فمن لا يتحمل قرص نملة وحر شمس كيف يتحمل نار جهنم ولسع حيات فينبغى ان تجتهد فى الخروج من الذنوب على اقسامها التى بينك وبين عباد الله بالاستحلال ورد المظالم. واما التى هى من ترك الواجبات من صلاة وصيام وزكاة فتقضى ما امكن منها. واما التى بينك وبين الله كشرب الخمر وضرب المزامير واكل الربا فتقدم على ما مضى منها وتوطن قلبك على ترك العود الى مثلها ابدا فاذا ارضيت الخصوم بما امكن وقضيت الفوائت بما تقدر عليه وبرأت قلبك من الذنوب فينبغى ان ترجع اليه بحسن الابتهال والضراعة ليكفيك ذلك بفضله فتذهب فتغتسل وتغسل ثيابك فتصلى ركعتين كما فى الحديث الصحيح " ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلى ركعتين ثم يستغفر الله الا غفر له " وفى حديث آخر " ايما عبد او امة ترك صلاته فى جهالته فتاب وندم على تركها فليصل يوم الجمعة بين الظهر والعصر اثنتى عشرة ركعة يقرأ فى كل منها الفاتحة وآية الكرسى والاخلاص والمعوذتين مرة لا يحاسبه الله تعالى يوم القيامة ووجد صحيفة سيآته حسنات " ذكره فى مختصر الاحياء. يقول الفقير جامع هذه الفوائد ان هذا الحديث على تقدير صحته لا ينفهم منه ان هذه الصلاة تكون قضاء لجميع ما فات منه وتقوم بدله كيف وقد ذكر فى اوله التوبة والندامة ومن مقتضاها قضاء ما سلف كما مر آنفا فمعنى ان الله تعالى لا يحاسبه يوم القيامة لا يقول له لم اخرت الصلاة التى فرضت عليك عن اوقاتها وذلك ببركة هذه الصلاة الشريفة التى هى تأكيد لتوبته وزيادة فى اعتذاره وقد عرف فى الشرع ا ن العبد كما يحاسب على ترك الصلوات كذلك يحاسب على تأخيرها عن اوقاتها وبهذا البيان انحل ما اشكل على بعض من مواظبة الناس على قضاء صلوات يوم وليلة فى آخر جمعة من شهر رمضان بين الظهر والعصر فان ما يصلونه هى الصلاة المذكورة عند الحقيقة لكنهم يغلطون فى زعمهم وفى الكيفية والله اعلم.

السابقالتالي
2