الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يٰحَسْرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ }

{ قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله } اى قد غبن الذين كذبوا بالبعث بعد الموت { حتى اذا جاءتهم الساعة } غاية لتكذيبهم لا لخسرانهم فانه ابدى لا حد له { بغتة } حال من فاعل جاءتهم اى باغتة مفاجئة والبغت والبغتة مفاجأة الشى بسرعة من غير ان يشعر به الانسان حتى لو كان له شعور بمجيئه ثم جاءه بسرعة لا يقال فيه بغتة والوقت الذى تقوم فيه القيامة يفجأ الناس فى ساعة لا يعلمها احد الا الله تعالى فلذلك سميت ساعة خفيفة يحدث فيها امر عظيم وسميت الساعة ساعة لسعيها الى جانب الوقوع ومسافته الانفاس والمعنى انهم قد كذبوا الى ان ظهرت الساعة بغتة. فان قيل انما يكذبون الى ان يموتوا والجواب ان زمان الموت آخر زمان من ازمنة الدنيا واول زمان من ازمنة الآخرة فمن انتهى تكذيبه الى هذا الوقت صدق انه كذب الى ان ظهرت الساعة بغتة ولذلك قال عليه الصلاة والسلام " من مات فقد قامت قيامته " { قالوا } جواب اذا { يا حسرتنا } الحسرة هى شدة الندم والتألم ونداؤها مجاز لان الحسرة لا يتأتى منها الاقبال وانما المعنى على المبالغة فى شدة التحسر كأنهم نادوا الحسرة وقالوا ان كان لك وقت فهذا اوان حضورك ومثله يا ويلتنا والمقصود التنبيه على خطأ المنادى حيث ترك ما احوجه تركه الى نداء هذه الاشياء { على ما فرطنا فيها } اى على تفريطنا فى شان الساعة وتقصيرنا فى مراعاة حقها والاستعداد لها بالايمان بها واكتساب الاعمال الصالحة فعلى متعلق بالحسرة وما مصدرية والتفريط التقصير فى الشئ مع القدرة على فعله { وهم يحملون اوزارهم على ظهورهم } حال من فاعل قالوا. والاوزار جمع وزر وهو فى الاصل الحمل الثقيل يقال وزرته اى حملته ثقيلا ومنه وزير الملك لانه يتحمل اعباء ما قلده الملك من مؤونة رعيته وحشمه سمى به الاثم والذنب لغاية ثقله على صاحبه والحمل من توابع الاعيان الكثيفة لا من عوارض المعانى فلا يوصف به العرض الاعلى سبيل التمثيل والتشبيه وذكر الظهور كذكر الايدى فى قوله تعالىفبما كسبت أيديكم } الشورى 30 فان المعتاد حمل الأثقال على الظهور كما ان المألوف هو الكسب بالايدى. والمعنى انهم يتحسرون على ما لم يعملوا من الحسنات والحال انهم يحملون اوزار ما عملوا من السيئات { ألا سآء ما يزرون } اى بئس شيئاً يزرون اى يحملون وزرهم. قال السدى وغيره ان المؤمن اذا خرج من قبره استقبله احسن شئ صورة واطيبه ريحا فيقول هل تعرفنى فيقول لا فيقول انا عملك الصالح فاركبنى فقد طالما ركبتك فى الدنيا فذلك قوله تعالىيوم نحشر المتقين الى الرحمن وفدا } مريم 85 اى ركبانا.

السابقالتالي
2