الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ ٱلأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ ٱلْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ وهو } اى الله تعالى { الذى جعلكم } ايها الناس { خلائف الارض } من بعد بنى الجان او خلائف الامم السابقة البشرية او خلفاء الله فى ارضه تنصرفون فيها. والخلائف جمع الخليفة كالوصائف جمع الوصيفة وكل من جاء بعد من مضى فهو خليفته لانه يخلفه. قال فى التأويلات النجيمة هو جعل كل واحد من بنى آدم آدم وقته وخليفة ربه فى الارض وسر الخلافة انه صوره على صورة صفات نفسه حيا قيوما سميعا بصيرا عالما قادرا متكلما مريدا
آدمى جيست بررخ جامع صورت خلق وحق درو واقع متصل بادقائق جبروت مشتمل برحقائق ملكوت   
{ ورفع بعضكم } فى الشرف والغنى { فوق بعض } الى { درجات } كثيرة متفاوتة { ليبلوكم فيما آتاكم } من المال والجاه اى ليعاملكم معاملة من يبتليكم ويمتحنكم لينظر ماذا تعملون من الشكر وضده ـ حكى ـ ان جنيدا كان يلعب مع الصبيان فى صباوته فمر به السرى السقطى فقال ما تقول فى حق الشكر يا غلام قال الشكر ان لا تستعين بنعمه على معاصيه { ان ربك } يا محمد { سريع العقاب } اى عقابه سريع الاتيان لمن لم يراع حقوق ما آتاه الله ولم يشكره وانما قال سريع العقاب مع انه موصوف بالحلم والامهال لان كل ما هو آت قريب قال الحافظ
بمهلتى كه سبهرت دهد زراه مرو تراكه كفت كه اين زال ترك دستان كرد   
{ وانه لغفور رحيم } لمن راعاها كما ينبغى وفى الحديث " يؤتى بالرجل يوم القيامة وقد جمع مالا من حرام وانفقه فى حرام فيقال اذهبوا به الى النار ويؤتى بالرجل قد جمع مالا من حلال وانفقه فى حلال فيقال له قف لعلك فرطت فى هذا فى شئ مما فرض عليك من صلاة لم تصلها لوقتها او فرطت فى ركوعها وسجودها ووضوئها فيقول لا يارب كسبت من حلال وانفقت فى حلال ولم اضيع شيئاً مما فرضت فيقال لعلك اختلت فى هذا المال فى شئ من مركب او ثوب باهيت به فقال لا يا رب لم اختل ولم اباه فى شئ فيقال لعلك منعت حق احد امرتك ان تعطيه من ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل فيقول لا يارب كسبت من حلال وانفقت فى حلال ولم اضيع شيئاً مما فرضت علىّ ولم اختل ولم ا باه ولم اضيع حق احد امرتنى ان اعطيه قال فجيئ باولئك فيخاصمونه فيقولون يا رب اعطيته وجعلته بين اظهرنا وامرته ان يعطينا فانه اعطانا وما ضيع شيئاً من الفرائض ولم يختل فى شئ فيقال قف الآن هات شكر نعمة انعمتها عليك فى اكلة او شربة او لذة فلا يزال يسأل ".

السابقالتالي
2