الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }

{ قل } يا محمد لمن يقول من الكفار ارجع الى ديننا { أغير الله ابغى } اطلب حال كونه { ربا } آخر فاشركه فى عبادته { وهو رب كل شئ } اى والحال ان ما سواه مربوب له مثلى فكيف يتصور ان يكون شريكا له فى العبودية { ولا تكسب كل نفس الا عليها } كانوا يقولون للمسلمين اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم اما بمعنى ليكتب علينا ما علمتم من الخطايا لا عليكم واما بمعنى لنحمل يوم القيامة ما كتب عليكم من الخطايا لا عليكم واما بمعنى لنحمل يوم القيامة ما كتب عليكم من الخطايا فهذا رد له بالمعنى الاول اى لا تكون جناية نفس من النفوس الا عليها ومحال ان يكون صدورها عن شخص وقرارها على شخص آخر حتى يتأتى ما ذكرتم وقوله تعالى { ولا تزر وازرة وزر اخرى } رد له بالمعنى الثانى اى لا تحمل يومئذ نفس حامله حمل نفس اخرى حتى يصح قولكم ولنحمل خطاياكم. والوزر فى اللغة هو الثقل { ثم الى ربكم مرجعكم } اى الى مالك امركم رجوعكم يوم القيامة { فينبئكم } يومئذ { بما كنتم فيه تختلفون } اى يبين الرشد من الغىّ ويميز المحق من المبطل. وفى الآية امور. الاول ان غاية المبتغى ونهاية المرام هو الله الملك العلام فمن وجده فقد وجد الكل ومن فقده فقد فقد الكل والعاقل العاشق لا يطلب غير الله لانه الحبيب والمحب لا يتسلى بغير المحبوب قال الحافظ
دردمرا طبيب نداند دواكه من بى دوست خسته خاطر وبادرد خوشترم   
والثانى ان كل ما تكسب النفس من خير او شر فهو عليها اما الشر فهى مأخوذة به واما الخير فمطلوب منها صحة القصد والخلو من الرياء والعجب والافتخار به قال السعدى قدس سره
جه قدر آورد بنده بدرديس كه زير قبادارد اندام بيس   
والنفس امارة بالسوء فلا تكسب الاسوأ والسوء عليها لا لها وهذا دأب النفس ما وكلت الى نفسها الا ان رحمها ربها كما قالإن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى } يوسف 53. ولهذا كان من دعائه عليه السلام " رب لا تكلنى الى نفسى طرفة عين ولا اقل من ذلك ". وهى اى النفس مأمور بالسير الى الله بقدم العبودية والاعمال الصالحة. قال الشيخ ابو عبدالله محمد بن الفضل العجب ممن يقطع الاودية والمفاوز والقفاز ليصل الى بيته وحرمه لان فيه آثار انبيائه كيف لا يقطع بالله نفسه وهواه حتى يصل الى قلبه فان فيه آثار مولاه. والثالث ان كل نفس مؤاخذ بذنبه لا بذنب غيره فان قلت قوله عليه السلام " من كانت عنده مظلمة لاخيه من عرض او شئ فليستحلل منه اليوم قبل ان لا يكون دينار ولا درهم الا ان كان له عمل صالح اخذ منه بقدر مظلمته وان لم يكن له حسنات اخذ من سيآت صاحبه فحمل عليه ".

السابقالتالي
2