الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَىۤ إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }

{ من جاء بالحسنة } اى من جاء يوم القيامة بالاعمال الحسنة من المؤمنين اذ لا حسنة بغير ايمان. قال القاضى عياض انعقد الاجماع على ان الكفار لا تنفعهم اعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب لكن بعضهم يكون اشد عذابا من بعض بحسب جرائمهم انتهى نعم اذا اسلموا يثابون على الخيرات المتقدمة لما ورد فى الحديث " حسنات الكفار مقبولة بعد اسلامهم ". وفى تفسير الكاشفى هركه بيايد دردنيا بنكوبى { فله عشر امثالها } اى فله عشر حسنات امثالها فضلا من الله تعالى فالامثال ليس مميزا للعشر بل مميزها هو الحسنات والامثال صفة لمميزها ولذا لم يذكر التاء للعشر. وقيل انما انث عشر وان كان مضافا الى ما مفرده مذكر لاضافة الامثال الى مؤنث هو ضمير الحسنة كقوله تعالىيلتقطه بعض السيارة } يوسف 10. { ومن جاء بالسيئة } اى بالاعمال السيئة كائنا من كان من العاملين { فلا يجزى الا مثلها } بحكم الوعد واحدة بواحدة. فان قيل كفر ساعة يوجب عقاب الابد على نهاية التغليظ فما وجه المماثلة. واجيب بان الكافر على عزم انه لو عاش ابدا لبقى على ذلك الاعتقاد فلما كان العزم مؤبدا عوقب بعقاب الابد بخلاف المسلم المذنب فانه يكون على عزم الاقلاع عن ذلك الذنب فلا جرم كانت عقوبته منقطعة { وهم لا يظلمون } بنقص الثواب وزيادة العقاب. قال الحدادى وانما قال ذلك لان التفضل بالنعم جائز والابتداء بالعقاب لا يجوز انتهى. واعلم ان الحسنات العشر اقل ما وعد من الاضعاف قال السعدى قدس سره
نكوى كارى از مردم نيك راى يكى را يده مينويسد خداى تونيز اى بسر هر كرايك هنر به بينى زده عيبش اندر كذر   
وقد جاء الوعد بسبعين وسبعمائة وبغير حساب ولذلك قيل المراد بذكر العشر بيان الكثرة لا الحصر فى العدد الخاص كما يقول القائل لئن اسديت الىّ معروفا لاكافئنك بعشر امثاله وحكمة التضعيف لئلا يفلس العبد اذا اجتمع الخصماء فى طاعته فيدفع اليهم واحدة ويبقى له تسع فمظالم العباد توفى من التضعيفات لا من اصل حسناته لان التضعيف فضل من الله تعالى واصل الحسنة الواحدة عدل منه واحدة بواحدة وفى الحديث " ويل لمن غلب آحاده على اعشاره ". اى سيآته على حسناته وفى الحديث " الاعمال ستة موجبتان ومثل بمثل وحسنة بحسنة وحسنة بعشر وحسنة بسبعمائة فاما الموجبتان فهو من مات ولا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ومن مات وهو مشرك بالله دخل النار واما مثل بمثل فمن عمل سيئة فجزاء سيئة مثلها واما حسنة بحسنة فمن هم بحسنة حتى تشعر بها نفسه ويعلمها الله من قلبه كتبت له حسنة واما حسنة بعشر فمن عمل حسنة فله عشر امثالها واما حسنة بسبعمائة فالنفقة فى سبيل الله ".

السابقالتالي
2 3