الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَٰنُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِيۤ إِيمَٰنِهَا خَيْراً قُلِ ٱنتَظِرُوۤاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ }

{ هل ينظرون } هل استفهامية معناها النفى وينظرون بمعنى ينتظرون فان النظر يستعمل فى معنى الانتظار كأنه قيل انى اقمت على اهل مكة الحجة وانزلت عليهم الكتاب فلم يؤمنوا فما ينتظرون { الا ان تأتيهم الملائكة } اى ملك الموت واعوانه لقبض ارواحهم { او يأتى ربك } اى امره بالعذاب والانتقام. وقال البغوى { أو يأتى ربك } بلا كيف لفضل القضاء بين موقف القيامة انتهى. او المراد باتيان الرب اتيان كل آية يعنى آيات القيامة والهلاك الكلى بقرينة قوله تعالى { أو يأتى بعض ءايات ربك } يعنى اشراط الساعة التى هى الدخان ودابة الارض وخسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب والدجال وطلوع الشمس من مغربها ويأجوج ومأجوج ونزول عيسى عليه السلام ونار تخرج من عدن وهم ما كانوا منتظرين لاحد هذه الامور الثلاثة وهى مجيئ الملائكة او ميجئ الرب او مجيء الآيات القاهرة من الرب لكن لما كان يلحقهم لحوق المنتظرين شبهوا بالمنتظرين { يوم يأتى بعض آيات ربك } ظرف لقوله { لا ينفع نفسا ايمانها } كالمحتضر فان معاينة اشراط الساعة بمنزلة نفسها ووقوع العيان يمنع قبول الايمان لانه انما يقبل اذا كان بالغيب { لم تكن ءامنت من قبل } صفة نفسا اى من قبل اتيان بعض الآيات { او كسبت فى ايمانها خيرا } الآية تقتضى ان لا ينفع الايمان بدون العمل الصالح ومذهب اهل السنة انه نافع حيث ان صاخبه لا يخلد فى النار. قال حضرة الشيخ الشهير بالهدائى الاسكدارى فى الواقعات لاح لى فى توفيق هذه الآية على مذهب اهل السنة وجهان. الاول ان يكون قوله { او كسبت } معطوفا على آمنت المقدر لا على آمنت المذكور والتقدير لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل سواء آمنت ايمانا مجردا او كسبت فى ايمانها خيرا. والثانى ان يعطف على آمنت المذكور ولكن يعتبر فى اللف مقدر فيكون النشر ايضا على اسلوبه والتقدير لا ينفع نفسا ايمانها ولا كسبها خيرا لم تكن آمنت من قبل او كسبت فى ايمانها خيرا { قل انتظروا } ما تنتظرونه من اتيان احد الامور الثلاثة لتروا أى شئ تنتظرون { انا منتظرون } لذلك وحينئذ لنا الفوز وعليكم الوبال بما حل بكم من سوء العاقبة. قال البغوى المراد ببعض الآيات طلوع الشمس من مغربها وعليه اكثر المفسرين. قال الحدادى فى تفسيره قال رسول الله صلى الله لعيه وسلم " " اذا غربت الشمس رفع بها الى السماء السابعة فى سرعة طيران الملائكة وتحبس تحت العرش فتستأذن من اين تطلع أمن مطلعها او من مغربها وكذا القمر فلا تزال كذلك حتى يأتى الله بالوقت الذى وقته لتوبة عباده وتكثر المعاصى فى الارض ويذهب المعروف فلا يأمر به احد وينتشر المنكر فلا ينهى عنه احد فاذا فعلوا ذلك حبست الشمس تحت العرش فاذا مضى مقدار ليلة سجدت واستأذنت ربها من اين تطلع فلم يجر لها جوابا حتى يوافيها القمر فيسجد معها ويستأذن من اين يطلع فلا يجر له جوابا فيحسبان مقدار ثلاث ليال فلا يعرف مقدار تلك الليلة الا المتهجدون فى الارض وهم يومئذ عصابة قليلة فى هوان من الناس فينام احدهم تلك الليلة مثل ما ينام قبلها من الليالى ثم يقوم فيتهجد ورده فلا يصبح فينكر ذلك فيخرج وينظر الى السماء فاذا هو بالليل مكانه والنجوم مستديرة فينكر ذلك ويظن فيه الظنون فيقول أخففت قراءتى أم قصرت صلاتى ام قمت قبل حينى ثم يقوم فيعود الى مصلاه فيصلى نحو صلاته فى الليلة الثانية ثم ينظر فلا يرى الصبح فيشتد به الخوف فيجتمع المتهجدون من كل بلدة فى تلك الليلة فى مساجدهم ويجأرون الى الله بالبكاء والتضرع فيرسل الله جبريل الى الشمس والقمر فيقول لهما ان الله يأمركما ان ترجعا الى مغربكما فتطلعا منه فانه لا ضوء لكما عندنا ولا نور فيبكيان عند ذلك وجلا من الله بكاء يسمعه اهل السموات السبع واهل سرادقات العرش ثم يبكى من فيهما من الخلائق من خوف الموت والقيامة فبينما المتهجدون يبكون ويتضروعون والغافلون فى غفلاتهم اذا بالشمس والقمر قد طلعا من المغرب اسودان لا ضوء للشمس ولا نور للقمر كصفتهما فى كسوفهما فذلك قوله تعالى { وجمع الشمس والقمر } فيرتفعان كذلك مثل البعيرين ينازع كل واحد منهما صاحبه استباقا فيتصارخ اهل الدنيا حينئذ ويبكون فاما الصالحون فينفعهم بكاؤهم ويكتب لهم عبادة واما الفاسقون فلا ينفعهم بكاؤهم يومئذ ويكتب ذلك عليهم حسرة وندامة فاذا بلغ الشمس والقمر سرة السماء ومنتصفها جاء جبريل فأخذ بقرونهما فردهما الى المغرب فيغربان فى باب التوبة " فقال عمر رضى الله عنه بابى انت وامى يا رسول الله ما باب التوبة فقال " يا عمر خلق الله بابا للتوبة خلف المغرب له مصراعان من ذهب وما بين المصراع الى المصراع اربعون سنة للراكب فذلك الباب مفتوح مذ خلق الله خلقه الى صبيحة تلك الليلة عند طلوع الشمس من مغربها فاذا غربا فى ذلك الباب رد المصراعان والتأم بينهما فيصير كأن لم يكن بينهما صدع فاذا اغلق باب التوبة لم يقبل للعبد توبة بعد ذلك ولم ينفعه حسنة يعملها الا من كان قبل ذلك محسنا فانه يجزى كما قبل ذلك اليوم فذلك قوله تعالى { يوم يأتى بعض ءايات ربك لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قل أو كسبت فى إيمانها خيرا } "

السابقالتالي
2 3