الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَٰدِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ }

{ ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } اى عمدا اذ الناسى حال نسيانه لا يكون مكلفا وذكر الله تعالى فى قلب كل مؤمن واما العامد فلأنه لما ترك التسمية عمدا فكأنه نفى ما فى قلبه ويدخل فيه الميتة لانها مما لم يذكر اسم الله عليه وكذا ما ذبح على اسم غيره تعالى { وإنه } اى الاكل منه او عدم ذكر التسمية { لفسق } اى خروج لما لا يحل فان من ترك التسمية عامدا حال الذبح لا يحل اكل ذبيحته عند الامام الاعظم. واعلم ان المشركين جادلوا المسلمين فقالوا أتأكلون مما قتلتم ولا تأكلون مما قتله الله فانزل الله الآية واجاب بجواب اعم وبنى الحرمة على وصف يشمل الكل وهو ترك الذكر { وان الشياطين } اى ابليس وجنوده { ليوحون الى اوليائهم } اى يوسوسون الى المشركين. والوحى القاء المعنى الى النفس مع الخفية { ليجادلوكم } ايها المؤمنون فى تحليل الميتة بالوساوس الشيطانية { وان اطعتموهم } فى استحلال الحرام وساعدتموهم على اباطيلهم { إنكم لمشركون } ضرورة ان من ترك طاعة الله الى طاعة غيره واتبعه فى دينه فقد اشرك به تعالى بل آثره عليه سبحانه. والاشارة لا تأكلوا طعاما الا بامر الله وعلى ذكر الله وفى طلب الله ليندفع بنور الذكر ظلمة الطعام وشهوته وان ظلمة الطعام وشهوته مؤدية الى الفسق الذى هو الخروج من النور الروحانى الى الظلمة النفسانية وفى الحديث " ان الشيطان يستحل الطعام الا بذكر اسم الله عليه ". اى لانه لا يذكر اسم الله عليه بعد الشروع وما لم يشرع فيه احد لا يتمكن الشيطان من استحلاله وفيه اشارة الى انه ان سمى واحد من الآكلين حصل اصل السنة ومن نسى التسمية فى اول الطعام فانه يقول حين يذكر بسم الله اوله وآخره فاذا قال ذلك فقد تدارك تقصيره وهذا بخلاف الوضوء فان التسمية سنة فى اوله بحيث لو نسيها فى اوله ثم تذكر فى وسطه لم يكن هذا تداركاً لسنة التسمية وذلك لان الوضوء كله عمل واحد بخلاف الاكل فان كل لقمة اكلة " وكان رجل يأكل فلم يسم حتى لم يبق من طعامه الا لقمة فلما رفعها الى فيه قال بسم الله اوله وآخره فضحك النبى عليه السلام ثم قال " ما زال الشيطان يأكل معه فلما ذكر اسم الله تعالى استقاء ما فى ما بطنه ". وهذا الحديث يدل على ان الشيطان يأكل بمضغ وبلغ كما ذهب اليه قوم وقال آخرون اكل الشيطان صحيح لكنه تشمم واسترواح وانما المضغ والبلع لذوى الحثث والشياطين اجسام رقاق. قال فى آكام المرجان كل ما لم يسم عليه من طعام او شراب او لباس او غير ذلك مما ينتفع به فللشيطان تصرف واستعمال اما باتلاف عينه كالطعام واما مع بقاء عينه.

السابقالتالي
2