الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُعْتَدِينَ }

{ وما لكم ان لا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه } وأى سبب حاصل لكم فى ان لا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه. قال الامام ان المشركين كانوا يبيحون اكل ما ذبح على اسم الله تعالى ولا ينازعون فيه وانما النزاع فى انهم ايضا كانوا يبيحون اكل الميتة والمسلمون كانوا يحرمونها واذا كان كذلك كان ورود الامر باباحة ما ذكر اسم الله عليه عبثا لانه يقتضى اثبات الحكم فى المتفق عليه وترك الحكم فى المختلف فيه فاجاب بان معنى كلوا اجعلوا اكلكم مقصورا على ما ذكر اسم الله عليه ومعنى ان لا تأكلوا ان لا تجعلوا اكلكم مقصورا عليه فيفيد تحريم اكل الميتة فقط { وقد فصل لكم } اى والحال انه تعالى قد بين لكم { ما حرم عليكم } مما لم يحرمه بقوله تعالى فى هذه السورةقل لا أجد فى ما أوحى الىّ محرما } الأنعام 145 الآية. فبقى ما عدا ذلك على الحل لا بقوله تعالىحرمت عليكم الميتة والدم } المائدة 3. الآية لانها مدنية وهذه السورة مكية فان قلت قوله تعالىقل لا أجد } الأنعام 145 الآية. مذكور بعده هذه الآية وصيغة فصل تقتضى التقدم قلت ان التأخر فى التلاوة لا يوجب التأخر فى النزول ويجوز ان يحمل على التفصيل بالوحى الغير المتلو كما ذهب اليه سعدى جلبى المفتى وجعله اولى عنده { الا ما اضطررتم اليه } مما حرم عليكم فانه ايضا حلال حال الضرورة فالاستثناء متصل والمستثنى منه ما حرم وما مصدرية بمعنى المدة اى وقد فصل لكم الاشياء التى حرمت عليكم فى جميع الاوقات الا وقت الاضطرار اليها وان جعلت موصولة تعين ان يكون الاستثناء منقطعة لان ما اضطر اليه حلال فلا يدخل تحت ما حرم عليهم { وان كثيرا } من الكفار { ليضلون } الناس { باهوائهم } بما تهواه انفسهم من تحليل الميتة وغيرها { بغير علم } مقتبس من الشريعة الشريفة مستند الى الوحى { ان ربك هو اعلم بالمعتدين } المتجاوزين الحق الى البالط والحلال الى الحرام. اعلم ان اهل الهوى على انواع فالمعتزلة والشيعة ونحوهما من اهل القبلة اهل هوى لانهم يخالفون اهل السنة والجماعة بتأويل الكتاب والسنة على حسب هواهم فيضلون الناس بهواهم كما يضل الكفار واهل الشرك. واما اخذ الاشارة من الآيات والاحاديث على وجه يطابق الشرع الشريف فذلك ليس بهو بل هو عرفان محض قال فى المثنوى
توزقر آن اى بسر ظاهر مبين ديو آدم را نبيند جزكه طين ظاهر قرآن جو شخص آدميست كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست   
فالتقليد لاصحاب الاشارات ليس كالتقليد لاصحاب الضلالات لانهم بنوا امرهم على العيان واليقين لا على الظن والتخمين وكذا اهل الدنيا اهل هوى بالنسبة الى اهل العقبى فان الكون كله خيال وتابع الخيال لا يعد من العقلاء والرجال.

السابقالتالي
2