الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ ٱلْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ }

{ أفغير الله ابتغى حكما } الهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر وغير مفعول ابتغى وحكما حال وتقديم المفعول للايذان بان مدار الانكار هو ابتغاء غيره حكما لا مطلق الابتغاء والحكم ابلغ من الحاكم وادل على الرسوخ لما انه لا يطلق الا على العادل وعلى من تكرر منه الحكم بخلاف الحاكم وفى الكلام ارادة القول واضماره ـ روى ـ ان مشركى مكة قالوا يا محمد اجعل بيننا وبينك حكما من احبار اليهود او من اساقفة النصارى يفصل بين المحق والمبطل فانهم قرأوا الكتب قبلك فانزل الله هذه الآية وقال قل يا محمد أاميل عن الحق فاطلب غير الله تعالى حال كون ذلك الغير قاضيا بينى وبينكم { وهو الذى انزل اليكم الكتاب } الجملة حال من فاعل ابتغى اى والحال ان الله تعالى هو الذى انزل اليكم وانتم امة امية لا تدرون ما تأتون وما تذرون القرآن الناطق بالحق والصواب { مفصلا } اى مبينا فيه الحق والباطل والحلال والحرام وغير ذلك من الاحكام بحيث لم يبق فى امر الدين شئ من التخليط والابهام فأى حاجة بعد ذلك الى الحكم وهذا كما ترى صريح فى ان القرآن الكريم كاف فى امر الدين مغن عن غيره ببيانه وتفصيله { والذين آتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل من ربك } كلام مستأنف غير داخل تحت القول المقدر مبين ان الذين وثقوا بهم ورضوا بحكميتهم من علماء اهل الكتابين عالمون بحقية القرآن ونزوله من عند الله تعالى والمعنى وعلماء اليهود والنصارى الذين فهمناهم التوراة والانجيل يعلمون ان ذلك الكتاب اى القرآن منزل من ربك حال كونه ملتبسا { بالحق } والصدق وهو بالفارسى براتسى ودرستى وهو متعلق بمحذوف وقع حالا من الضمير المستكن فى منزل { فلا تكونن من الممترين } اى من الشاكين فى انهم يعلمون بحقية القرآن لما لا تشاهد منهم آثار العلم واحكام المعرفة فالفاء لترتيب النهى على الاخبار بعلم اهل الكتاب بشأن القرآن وفى انه منزل من ربك بالحق فيكون من باب التوبيخ والالهاب اى الثبات على اليقين كقولهولا تكونن من المشركين } القصص 87. فالفاء لترتيب النهى على نفس علمهم بحال القرآن. ثم انه تعالى لما بين كمال الكتاب المذكور من حيث اضافته اليه تعالى بكونه منزلا منه بالحق بين ايضا كماله من حيث ذاته فقال.